ولدى وصولها إلى مسرح محمد الخامس٬ قامت سموها بزيارة معرض ببهو المسرح يتضمن صورا للفقيد وبعضا من مؤلفاته.
وتميز هذا الحفل بالرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين فيه٬ والتي أعرب فيها جلالته عن عميق تقديره للراحل الكبير٬ " باعتباره فنانا مغربيا أصيلا متعدد المواهب٬ ساهم بنصيب وافر في النهضة الفنية والمسرحية وبناء الشخصية الثقافية ببلادنا٬ منذ بداية عهد الاستقلال. مما جعله يتبوأ مكانة متميزة في الفضاء الفني والأدبي الوطني".
كما أكد جلالته في هذه الرسالة التي تلاها السيد عبد الحق المريني٬ مؤرخ المملكة٬ محافظ ضريح محمد الخامس والناطق الرسمي باسم القصر الملكي٬ أنه "وبفضل عبقريته ونبوغه واجتهاده٬ فقد تمكن من تخليد إسمه٬ عن جدارة واستحقاق٬ في السجل الذهبي للفن المغربي٬ كأحد رواد المسرح٬ تأليفا وتمثيلا٬ وأبرز الشعراء والزجالين٬ حيث لحن كلماته الرائعة كبار الموسيقيين٬ وتغنى بها أشهر الفنانات والفنانين".
وفي كلمة بهذه المناسبة٬ أعلن السيد فيصل العرايشي٬ الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة٬ أنه تقرر بأمر من جلالة الملك٬ إطلاق اسم أحمد الطيب العلج على أحد استوديوهات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة٬ وهو "أستوديو رقم 5" الذي سجلت فيه فرقة التمثيل لدار الإذاعة أهم أعمال هذا الفنان الكبير.
وأوضح السيد العرايشي٬ أن "هذه الالتفاتة المولوية الكريمة من جلالته٬ تأتي تقديرا للمسار الفني المتميز للراحل واعترافا بإبداعاته في مجالات التأليف المسرحي والتمثيل والشعر والزجل٬ الذي طبعه المرحوم بطابع فريد سيبقى خالدا في أذهان كل المغاربة".
وأضاف أن الراحل "يعتبر هرما كبيرا وأحد أعمدة المسرح في المغرب والوطن العربي٬ والذي استحق بكل اقتدار وكفاءة الجوائز المرموقة التي نالها طوال مسيرته الفنية والإبداعية٬ في جديته واجتهاده وتفرده في فكره وعطاءاته الفنية"٬ مشيرا إلى أن الفقيد أحمد الطيب العلج "سيظل نقطة مضيئة في تاريخ الفن المغربي ونبراسا للأجيال الصاعدة حتى تسير على نفس النهج".
من جانبه٬ قال السيد محمد مصطفى القباج٬ الكاتب العام لمؤسسة أحمد الطيب العلج للمسرح والزجل والفنون الشعبية٬ إن "المرحوم كان قبل أن تعود روحه إلى بارئها٬ يشغله موضوع حفظ الذاكرة الثقافية والفنية لبلادنا٬ وهي متضمنة في عطاءات المفكرين والمبدعين".
ولذلك - يضيف السيد القباج - أراد " أن يخلف وراءه مؤسسة تتحمل مسؤولية نشر ما أنتجه من المسرحيات والأزجال والأبحاث٬ وخاصة التي لم تنشر بعد٬ وفي نفس الوقت أن تدعم كل المبادرات التي تعمل على إنجاز أبحاث علمية معمقة وأصيلة٬ تولي الأولوية لنصوص الرواد التي ينبغي أن تكون حاضرة دوما لدى الأجيال الحاضرة والصاعدة ".
وأشار إلى أن الراحل٬ أشرف قبل وفاته على إنشاء مؤسسة أحمد الطيب العلج٬ بحضور ثلة من الأكاديميين والمثقفين والفنانين والإعلاميين المرموقين٬ حيث خاطبهم بقوله " إن ما يهمني من هذه المؤسسة هو الإسهام في ازدهار الفكر والفن المغربيين والحرص على التزامهما بالثوابت العقدية والثقافية٬ وبروح الوطنية الصادقة ".
كما ألقى نجل الفقيد السيد محمد حسن العلج٬ كلمة باسم أسرة الفقيد٬ ضمنها أصدق معاني الشكر والامتنان لكل من تقدم بتعازيه ومواساته في وفاة المرحوم أحمد الطيب العلج٬ وعلى رأسهم جلالة الملك.
وقال في هذا الصدد إن " والدنا رحمه الله كان في بيته متدفق العطاءات في المحبة والصدق والإخلاص في العمل"٬ مشيرا إلى أنه "كان غزير الإنتاج لأن هدفه الأول هو كتابة ما هو أحسن٬ مما جعله طيلة حياته يكتب أو يقرأ على الدوام٬ مؤمنا بأن الفن والمسرح هما مرآة للمجتمع ونبض ثقافة الشعوب".
وأضاف أن الفقيد أحمد الطيب العلج "'رحل عنا جسديا لكنه ترك إبداعات كثيرة قليل منها قد خرج للوجود من مسرحيات ومسلسلات وقصص قصيرة وزجل وكلمات الأغاني٬ ولكن أعظمها لم ينشر بعد٬ ولهذا لا بد أن نجعل من مؤسسة أحمد الطيب العلج للمسرح والزجل والفنون الشعبية إطارا٬ لنتعاون جميعا من أجل نشر تراثه وإبداعاته٬ حتى نساهم في الحفاظ على الذاكرة الثقافية لبلادنا".
يذكر أن الراحل أحمد الطيب العلج٬ الذي وافته المنية يوم فاتح دجنبر المنصرم٬ يعتبر أحد أبرز وجوه المسرح المغربي٬ حيث تقلد في حياته أوسمة وشهادات تقدير على إبداعه في مسيرة الحركة المسرحية٬ وهو فنان عصامي تمكن بفضل مثابرته ومجهوده الشخصي من تسجيل اسمه في تاريخ المسرح المغربي والعالمي.
وانضم الراحل إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1986٬ وأحرز سنة 1973 على جائزة المغرب في الآداب كما نال وسام الاستحقاق الفكري السوري سنة 1975٬ وسبق له أن شارك سنة 1960 في تدريب بمسرح الأمم بباريس.
وقد ألف واقتبس مجموعة من النصوص المسرحية من قبيل "دعاء للقدس"1980٬ و"بناء الوطن" 1988٬ و"السعد" 1986٬ و"جحا" و"شجرة التفاح". ومن مؤلفات بالدارجة "عزيزي أنا"٬ "النفخة"٬ "طالب راغب"٬ "الشهيد".
وكان في استقبال صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء٬ على الخصوص٬ رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران٬ ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد مصطفى الخلفي٬ ووزير الثقافة السيد محمد الأمين الصبيحي٬ ومؤرخ المملكة محافظ ضريح محمد الخامس والناطق الرسمي باسم القصر الملكي٬ السيد عبد الحق المريني٬ ووالي جهة الرباط- سلا- زمور- زعير السيد حسن العمراني.