وانخرط المغرب وكولومبيا، اللذان يتقاسمان قيما مشتركة ممثلة في السلام والديمقراطية، العام الجاري في تعزيز الروابط الثنائية للارتقاء بالتعاون إلى مستوى جودة العلاقات السياسية بين البلدين منذ أربعين سنة.
وشكلت الزيارة التي أجراها في يونيو الماضي إلى المغرب وزير العلاقات الخارجية الكولومبي السابق، كارلوس أولميس تروخيو، حاملا رسالة من الرئيس إيفان دوكي إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إحدى أبرز محطات العلاقات الثنائية.
وكانت هذه الزيارة مناسبة بالنسبة لكولومبيا لتجديد موقفها بشأن قضية الوحدة الترابية للمملكة، وأكد تروخيو بالرباط في هذا الإطار أن "كولومبيا تشيد بمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007 من أجل التوصل إلى حل سياسي، واقعي ودائم يرتكز على توافق كافة الأطراف لوضع حد لهذا النزاع الإقليمي الذي يكتسي أهمية أساسية بالنسبة للمغرب لأنه يهم وحدته الترابية وسيادته".
كما أكد تروخيو، الذي عين يوم 12 نونبر الماضي وزيرا للدفاع، أن مختلف قرارات الأمم المتحدة تعترف بـ"قيمة الجهود الجدية" التي يبذلها المغرب من أجل تسوية قضية الصحراء.
وسجل أن كولومبيا تدعم جهود الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى "حل سياسي عادل ودائم ومقبول" من الأطراف لهذا النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وخلال هذه الزيارة، أجرى تروخيو مباحثات مع مسؤولين مغاربة من ضمنهم على الخصوص رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة.
وتدارس رئيس الديبلوماسية الكولومبية السابق بالمناسبة مع محاوريه المغاربة سبل تعزيز التعاون الثنائي في عدد من القطاعات، من ضمنها الهجرة ومكافحة الفساد والارهاب وتهريب المخدرات، وذلك من خلال إعادة إطلاق آلية الحوار السياسي.
وقال السيد تروخييو "نعتزم إعطاء دفعة قوية لتعاوننا الثنائي وتمتين العلاقات الممتازة القائمة بين بلدينا".
يذكر أنه قبل ذلك بأشهر (مارس 2019)، قرر الرئيس الكولومبي الرفع من مستوى التمثيلية الدبلوماسية الكولومبية بالمغرب من مستوى القائم بالأعمال منذ 2013 الى مستوى سفير مفوض فوق العادة.
وعلل السيد دوكي هذه المبادرة ب "مستوى العلاقات السياسية" مع المملكة المغربية، معتبرا أن "تدبيرا من أعلى مستوى أمر ضروري"
وعلى مستوى التعاون البرلماني، أجرى وفد برلماني مغربي ضم نائب رئيس مجلس المستشارين، عبد القادر سلامة، وأمين المجلس أحمد لخريف، وزهور الوهابي وسمير عبد المولى، عضوي المجلس، في مارس 2019 زيارة إلى كولومبيا استقبل خلالها على الخصوص من قبل رئيس مجلس النواب الكولومبي، أليخاندرو تشاكون.
وبهذه المناسبة، أبدى السيد تشاكون الاهتمام الدائم لكولومبيا ومختلف مكونات الكونغرس الكولومبي بالعمل على تعزيز التعاون مع المغرب، مبرزا إعجابه بالإصلاحات التي باشرها المغرب في العديد من المجالات تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ومن ضمن أبرز الأحداث التي طبعت العلاقات المغربية الكولومبية سنة 2019، إصدار كولومبيا طابعين بريديين اثنين يخلدان الذكرى ال 40 لإقامة علاقاتها مع المغرب، وذلك بمبادرة من المصالح البريدية العمومية الكولومبية وسفارة المملكة ببوغوتا.
ويمثل أحد الطابعين، الذي يباع بكولومبيا ووزع على 192 من المتاحف البريدية عبر العالم المنضوية تحت لواء الاتحاد البريدي العالمي، صومعة حسان الشهيرة، وهي إحدى المعالم البارزة التي تصنع شهرة المغرب وترمز إلى مدينة الرباط.
وفي كلمة بالمناسبة، أعربت نائبة وزير العلاقات الخارجية، أدريانا ميخيا هيرنانديز، عن رغبة بلادها في مواصلة العمل مع المغرب ل "بلوغ الأهداف المشتركة".
وتابعت قائلة إن "المملكة المغربية أحد شركائنا، تعد من بين الدول التي قمنا بتعميق علاقاتنا الثنائية معها (...) والتي تشهد نموا مستداما"،
وفضلا عن ذلك، طبعت مشاركة المغرب كضيف شرف في فعاليات "إكسبوأرتيسانياس 2019" (دجنبر 2019)، أهم معرض دولي للصناعة التقليدية في كولومبيا، العلاقات الثنائية بين البلدين خلال العام الجاري.
وأقامت المملكة جناحا مثيرا للإعجاب على شكل مدينة قديمة قدمت للعموم أبرز مهن الصناعة التقليدية للمغرب (الصناعات النحاسية والجلد والنسيج والنقش على الخشب وصياغة الحلي).
واحتضن هذا الجناح أمسية فنية وموسيقية بألوان وأنغام رفيعة الذوق تميزت بحضور العديد من أعضاء الحكومة الكولومبية وسفراء وممثلين للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في بوغوتا، بالإضافة إلى شخصيات من عوالم المال والثقافة والإعلام.
وشكل هذا الحدث الثقافي، الذي أطلق عليه اسم "ليلة المغرب" وحضره ضيوف سامون يتقدمهم رئيس مجلس النواب، كارلوس كوينكا، فرصة لاكتشاف تنوع التراث الثقافي المغربي الضارب في القدم، فضلا عن ثراء الموروث الثقافي للمملكة من خلال منتجاتها التقليدية ومطبخها وموسيقاها وأزيائها التقليدية.
وفي تصريح للصحافة، أشاد رئيس مجلس النواب الكولومبي بمشاركة المغرب في "إكسبوأرتيسانياس 2019"، مضيفا أن حضور المملكة في هذه التظاهرة من شأنه الإسهام في تعزيز التقارب والتعارف المتبادل بين الشعبين الكولومبي والمغربي.
كما أعرب عن الاحترام والتقدير الذي تكنه كولومبيا لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وللدور الذي يضطلع به جلالته من أجل تعزيز التعاون جنوب جنوب، مؤكدا دعم برلمان بلاده للوحدة الترابية للمملكة.