وفي بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، تقول هذه السيدة الخمسينية "أنا امرأة متعددة الاختصاصات"، معبرة عن افتخارها بتحقيق مسار متألق لا تتواني في وضعه رهن إشارة مواطنيها، ببلجيكا كما في المغرب.
ومن خلال المسار الغني لهذه البلجيكية- المغربية، تمكنت من ارتداء قبعات ثلاث تتكامل مع بعضها البعض، والتي ترغب بالاستمرار في ارتدائها بكل شغف، قصد إنجاز المهمة النبيلة التي سطرتها لنفسها.
فالقبعة الأولى هي للسياسية الملتزمة التي تجسدها، أولا كنائبة ثم عضو بمجلس الشيوخ على المستوى الفيدرالي، قبل أن تستمر كمنتخبة محلية حتى اليوم في مدينة أنفيرس، حيث تعيش منذ أزيد من 43 عاما.
وكانت فوزية الطلحاوي صغيرة السن عندما دخلت المعترك السياسي. فقد أصبحت المغربية- البلجيكية، التي انتخبت لأول مرة سنة 1999، عن سن 28 سنة، أول امرأة من أصل غير أوروبي تلج البرلمان الفيدرالي البلجيكي. حيث قضت به ثلاث ولايات، بداية مع الخضر (كنائبة في المجلس لمدة أربع سنوات)، قبل انضمامها للاشتراكيين الفلامانيين في 2003-2004 لفترتين بمجلس الشيوخ.
فلطالما شكل تفتح النساء، وحقوق الشباب، والقضايا ذات الصلة بالهجرة، بما في ذلك الحفاظ على الجنسية المزدوجة، مواضيع جوهرية وجهت العمل السياسي لفوزية الطلحاوي. وخدمة لهذه الغاية، علمت كيف توظف كفاءاتها كامرأة قانون، قبعتها الثانية.
وتمكنت فوزية الطلحاوي، ابنة عامل التي قدمت إلى أنفيرس خلال سبعينيات القرن الماضي في إطار التجمع العائلي، من شق مسارها الدراسي والجامعي بكل تألق، بما مكنها في نهاية المطاف من أن تشغل بالجامعة منصب أستاذة مساعدة في القانون الدولي مع تخصص في حقوق الإنسان والمرأة.
وقد ساهمت، على الخصوص، في التعريف بمدونة الأسرة لدى أفراد الجالية المغربية القيمة بالمنطقة الفلامانية، لكن أيضا في المغرب، حيث كانت رئيسة وفد نساء بلجيكي- مغربي حضر سنة 2004 قافلة المدونة. وقالت إن هذا النص كان له "الكثير من النتائج بالنسبة للنساء المغربيات المقيمات بالخارج"، في إحالة على الحلول المقدمة لمشاكل اختطاف الأطفال والطلاق وتعدد الزوجات.
ومن بين أوجه التقدم، استحضرت على الخصوص الاعتراف المتبادل بأحكام الطلاق بين البلدين، أو حتى مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، بما يمكن من البحث عن الأطفال وإعادتهم إلى بلجيكا، في حالة اختطافهم من قبل أحد الوالدين، قائلة "لقد شكل هذا الأمر ارتياحا بالنسبة للعديد من الأمهات هنا".
وفيما يتعلق بمسألة الجنسية المزدوجة، أكدت فوزية الطلحاوي على ضرورة الحفاظ على هذا المكتسب للجالية المنحدرة من الهجرة، في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات ببلجيكا وبلدان أوروبية أخرى لإنهائه على خلفية الهجمات الإرهابية.
وتابعت قائلة "نحن في عالم معولم حيث يتنقل الكثير من الناس من أجل عملهم وبهدف التجمع الأسري، ينبغي عدم المس بسهولة بهذه الجنسية المزدوجة"، مؤكدة أن البلجيكيين من أصل مغربي يظلون متشبثين بأصولهم ومخلصين لبلد آبائهم وأجدادهم.
وشخصيا، ترى هذه البلجيكية- المغربية في هذا الارتباط وسيلة للحفاظ على صلتها مع بلدها الأم، المغرب. "هذا يتيح لي معرفته على نحو أفضل وفهم تاريخ البلد"، تؤكد بكل فخر هذه المرأة التي تهتم بـ "شغف كبير" بتتبع التطورات المتعلقة بالمغرب، لاسيما دينامية الجهوية وقضية الصحراء، القضية الوطنية.
وإلى جانب ذلك، فهي تشارك أحيانا في ندوات حول هذه المواضيع، وأخرى تتعلق بالجالية في المغرب الذي تزوره بشكل منتظم، إما بشكل خاص أو في إطار أنشطتها الأكاديمية. فهي تقدم بالخصوص حصصا في جامعة محمد الأول بوجدة في إطار شراكة تربطها بجامعة أنفيرس منذ العام 2005.
أما القبعة الثالثة التي ترتديها فوزية الطلحاوي فهي كونها امرأة مقاولة. وهنا تقول "نحاول إحداث تعاونيات للاقتصاد الاجتماعي في بعض مناطق المغرب، لاسيما في المناطق القروية"، مشيرة على وجه الخصوص إلى منطقة كبدانة بالناظور التي ينحدر منها والداها.
وكرسالة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، فإن تفكير فوزية يذهب على الخصوص إلى "كل هؤلاء النسوة اللواتي يعانين من ويلات الحرب في سوريا والعراق، وحتى في جميع أنحاء العالم، جميع هؤلاء النساء اللواتي لا زلن يناضلن من أجل حقوقهن الإنسانية الطبيعية".
وتقول هذه السيدة البلجيكية- المغربية إن "النضال مستمر من أجل منح النساء حقوقهن الطبيعية على قدم المساواة مع الرجال"، التي ختمت بدعوة جميع البلدان التي إلى التوقيع والمصادقة، دون تحفظ، على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.