وبعد أن كانت الحواسيب والهواتف الذكية من الممنوعات على التلاميذ بالبيت ، إلا خلال العطل، وباعتدال، وبرنامج صارم من الأبوين أو الإخوة الكبار، أضحيا الآن ضروريان ليتابع التلاميذ دروسهم عبر هذه العمليةالتي أطلقتها الوزارة الوصية عن التعليم بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
الأمر إذن لا يتعلق بفسحة أو عطلة، وليس الآن وقت الانشغال بالألعاب الإلكترونية ، إنه وقت الدراسة بشكل متواتر وبشكل يومي، حيث أتاحت هذه الوسائل، وبالطبع مع الدروس عبر القنوات الوطنية المخصصة لذلك، للتلميذ الحسين الذي يتابع دراسته بمدرسة فاصك بالقسم الخامس ابتدائي، إمكانية التحصيل بالبيت ، كما اعتاد على التعليم الحضوري المباشر في القسم، قبل ظهور هذا الوباء، عبر حصص دراسية مصورة خلال هذه "العطلة القسرية" تجنبا لانتشار كورونا وسط التلاميذ والطلبة .
ويساهم الأخ الأكبر، وعلى ما يبدوا لخبرته في مجال التقنيات والإبحار عبر النت، في تسهيل مهمة الحسين في التعامل مع ما جهاز الحاسوب والتركيز في دروسه، وربما أيضا تخفيفا من الأعباء النفسية التي قد تتسلل الى الحسين، الذي ألف المدرسة بأقسامها وأساتذتها والتسلي مع أقرانه في أوقات الفراغ.
ببراءة يقول الحسين "بسبب هذا الفيروس، توقفت الدراسة، وصرنا ندرس عن بعد عبر المنصة الالكترونية وقناة الأمازيغية"، مضيفا لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن أساتذته وزملاءه يساعدونه في هذه العملية.
وقال الأساتذة "يرسلون لنا التمارين وبعد ذلك يصححونها لنا" كما في القسم تماما.
أما والد الحسين فأكد أنه يحرص على حث ابنه على الدراسة والمواظبة عليها، معتبرا أن الحل الذي أتت به الوزارة والمتمثل في التعليم عن بعد، "جلعنا نشعر أن أنباءنا كما لو أنهم يواصلون الذهاب إلى المؤسسات التعليمية".
ويضيف أن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة من مثل التدريس عبر القنوات العمومية أو المنصات عن بعد "جعلتنا كآباء نشعر بارتياح كبير".
وأمام هذا المشهد، يحضر الأساتذة في الأذهان وبقوة ، فبجهودهم الجبارة وتضحياتهم في تحضير الموارد الرقمية في وقت قياسي ، لتصل الى فلذات أكباد المغاربة بالجبل والسهل والصحراء، بالمدينة كما البادية ، سيتمكن هؤلاء البراعم ، بعد جلاء غمة وكربة هذا الوباء الخبيث، من العودة الى أقسامهم وأقرانهم وأساتذتهم معانقين كتبهم وكراساتهم ويشقوا طريقهم، وتبقى هذه المرحلة الموسومة باسم هذه الجائحة مجرد ذكريات، قد يعلق بعض منها في العقول، وقد تمحى مع مرور الزمن وبدون رجعة.
نكران الذات والتضحية هذا، يشترك فيه الأساتذة والأطر التربوية والإدارية مع جنود آخرين يعملون على مكافحة هذا الوباء ومواجهة آثاره، خاصة منهم المتواجدين في الخطوط الأمامية لمجابهة هذه الجائحة، من أطباء وممرضين ورجال سلطة وقوات العسكرية ورجال الصحافة والإعلام والقوات العمومية بكل أصنافها وعمال النظافة (...)،
وبمثل هؤلاء وغيرهم الذين يشتغلون في الخفاء، وبمزيد من التضحيات، وبمثل قلوب هذا البراعم ... تستمر الحياة رغما عن أن كورونا.