لكن، وبعد عدة أيام من الحجر الصحي وانخفاض في المداخيل، وجد البعض الحل المناسب: مشاهدة فيلم على شاشة كبرى مع البقاء في السيارة.
يبدو أن هذه الفكرة ليست وليدة اليوم. فخلال سنوات الخمسينات، كان الأمريكيون يكتشفون آخر إصدارات الفن السابع أثناء وجودهم خلف مقود سياراتهم، وذلك أمام شاشات عملاقة مثبتة في أماكن ركن السيارات، وبالساحات العمومية أو على الشواطئ.
ومنذ أسبوع، تم اختبار هذه التجربة في ليتوانيا على مدرج مطار العاصمة، المتوقف بسبب تعليق الحركة الجوية.
وبمناسبة مهرجان فيلنيوس السينمائي الدولي، يستقبل المطار أزيد من 200 سيارة، في كل واحدة منها شخصان كحد أقصى، وذلك قصد مشاهدة الأفلام المبرمجة كل يوم وحتى نهاية شهر ماي الجاري.
وقد تمت ملاءمة هذه المبادرة، التي تستجيب تماما لقواعد مسافة التباعد الاجتماعي، مع الحفلات الموسيقية بكل من الدنمارك وألمانيا.
وفي المملكة المتحدة، أعلنت دار الأوبرا الوطنية الإنجليزية عن الافتتاح المقبل لأول أوبرا على نمط "البقاء خلف مقود السيارة". حيث سيكون بوسع الجمهور اللندني التنقل بالسيارة أو الدراجة الهوائية لحضور عرض في الهواء الطلق.
وحسب المنظمين، سيكون بمقدور هذا النمط من الأوبرا استقبال 300 سيارة ودراجة نارية وهوائية، ستقف أمام المسرح المخصص لهذه المناسبة.
ولتشجيع الفنانين، ستحل أصوات منبهات السيارات وإشارات الأضواء الأمامية مكان تصفيقات الجمهور وصفيره.
وفي فرنسا، تم استخدام هذه الوسيلة لأغراض دينية. فمنذ بضعة أيام، قام رعايا كنيسة في ليموج بتأدية "طقس اعتراف خلف مقود السيارة".
فالراهب الذي يتخذ مكانه تحت ركن مغطى بساحة الكنسية، يؤدي الاحتفالية الدينية بكل هدوء، في انتظار استئناف القداسات.
هكذا، فإن نمط الفرجة "خلف مقود السيارة"، الذي أضحى كابوسا حقيقيا بالنسبة للإيكولوجيين، لكن مغنما بالنسبة لصناعات العروض، التي تضررت بشكل كبير جراء تداعيات جائحة "كوفيد-19"، قد يصبح الوسيلة الأكثر أمانا وراحة لاغتنام بعض متع الحياة، مع اجتناب الإصابة بالعدوى.
لكن ما العمل عندما لا تكون لدينا سيارة حينما نريد اقتناء البطاطس المقلية لأطفالنا، علما أن المطاعم فتحت خدماتها وفق نمط "البقاء خلف مقود السيارة" فقط ؟.
لا يهم. اصطفت امرأة بلجيكية مصحوبة بابنتيها، أمام مطعم للوجبات السريعة وطلبت الوجبات في سيارة من الورق المقوى.
وفي خلفية "سيارتها الكارتونية" كتب ما يلي: "عذرا، ليس لدينا سيارة، ونحن نرغب في وجبة سريعة".
وفي طريقهم، ضحك المارة، التقطوا الصور وأطلقوا منبهات سياراتهم، عندما وصلت سيارة شرطة فجأة. لكن لا داعي للذعر، فلم يقم رجال الشرطة سوى بطرح بعض الأسئلة الروتينية، ثم التقطوا صورا مع العائلة.
وقالت الأم بنبرة مرحة "لقد قمنا على ما يبدو برسم الابتسامة على محيا الأشخاص الذين التقينا بهم. هذا هو المهم، إنه أمر يبعث على الارتياح في هذه الفترة، لاسيما وأننا لم نعرض حياة أي أحد للخطر".