ويشكل الاحتفاء باليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية الذي يصادف 21 ماي من كل سنة، مناسبة لتسليط الضوء على ما يتيحه هذا التنوع من إمكانيات لتبادل المعارف والخبرات بين الشعوب، وفرصة للتأمل والتفكير في كيفية إشراك التنوع الثقافي للعالم في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المستدامة.
فالاستثمار الجيد للتنوع الثقافي يمكن من تنمية المجتمع ويساهم في وجود عالم غني ومتنوع يتسع فيه مجال الخيارات المتاحة، وتتعزز فيه الطاقات البشرية وتبرز المواهب من خلال مختلف أشكال التعبير الثقافي.
وقد تميزت السنوات الأخيرة بمساهمة الصناعات الإبداعية والثقافية في النمو الاقتصادي العالمي وتوفير المداخيل، فضلا عن إتاحتها لحوالي 30 مليون وظيفة في مختلف أنحاء العالم.
وبهذه المناسبة، دعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ، إلى تعزيز قيم التنوع الثقافي في جميع أنحاء العالم، معتبرة أن الاحتفاء بهذا اليوم العالمي يشكل مناسبة لتعزيز دور الثقافة وإبراز أهمية تنوعها كعامل فاعل لتحقيق التنمية.
وذكرت بأن اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية يحتفي بالثراء الثقافي العالمي، وبالدور الأساسي الذي يلعبه الحوار بين الثقافات في تحقيق السلام والتنمية المستدامة.
وتأتي احتفالية هذه السنة مختلفة عن سابقاتها، حيث أرخت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بظلالها على كافة مجالات الثقافة والفنون، وتسبب الحجر الصحي في إغلاق جل المؤسسات الثقافية ومواقع التراث الإنساني في العالم. ولم يشكل المغرب استثناء في هذا الصدد، إذ تم إلغاء العديد من المهرجانات والأنشطة الثقافية، غير أن هذا الوضع جعل عملية إنشاء المحتوى الثقافي الرقمي تشهد زيادة كبيرة، ابتداء من الزيارات الافتراضية للمكتبات والمتاحف وقاعات العرض السينمائية، مرورا ببث ومشاهدة الأفلام عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تنظيم ندوات وأنشطة ثقافية عن بعد.
وقد ساهمت وسائل الإعلام والاتصال الحديثة في الانفتاح أكثر على مختلف الفنون والثقافات، ومكنت من مد الجسور بينها بما يعزز التواصل على نحو أفضل.
ورغم أن تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على القطاع الثقافي أصبح أمرا ملموسا في العديد من الدول، أثبتت الثقافة عبر التاريخ صمودا ومرونة في مواجهة الأزمات الكبرى التي تجعلها تتطور أكثر مع ظهور أشكال جديدة للإبداع، الشيء الذي يعد مسألة حيوية للتقدم البشري.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد أعلنت اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية سنة 2002 ، بعد أن اعتمدت منظمة (اليونسكو) في 2001 الإعلان العالمي للتنوع الثقافي، وذلك اعترافا بضرورة تعزيز دور الثقافة باعتبارها وسيلة لتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة في العالم. ثم اعتمدت (اليونسكو) في 20 أكتوبر 2005 ، اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي التي تهدف على الخصوص إلى دمج الثقافة في برامج التنمية المستدامة.