ومع عدم إمكانية السفر إلى الخارج، إن لم يكن الأمر يتعلق بمقاطعات ما وراء البحار، على اعتبار أنه يتعين انتظار توضيحات السلطات حول هذا الموضوع، سيكون على الفرنسيين لزاما الاقتصار على تمضية عطلة "فرنسية 100 في المائة" لهذا العام على الأقل.
وبالرغم من خيبة أملهم، سيجد الفرنسيون على الأقل العزاء في المساهمة في دعم قطاع محوري بالنسبة لاقتصاد البلاد، والمنهك جراء أزمة اقتصادية ناجمة عن وباء فيروس كورونا، التي كانت فجائية ومباغتة.
وبعد ترقب دام عدة أسابيع حول إمكانية السفر من عدمه لقضاء عطلة الصيف المقبل، تمكن الفرنسيون أخيرا من معرفة مصيرهم بعد زهاء شهرين من حجر غير مسبوق، وواحد من بين الأكثر صرامة في أوروبا. لكن مع تحفظات.
وكان رئيس الوزراء نفسه هو من زف الخبر السار. حيث قال إدوارد فيليب خلال عرضه، يوم الخميس الماضي، لـ "خطة مارشال" التي تستهدف قطاع السياحة، إن "الفرنسيين بإمكانهم الذهاب في إجازة داخل فرنسا في يوليوز وغشت، كما هو الشأن في مقاطعات ما وراء البحار"، لكن مع إمكانية فرض "قيود محتملة محدودة" تبعا لتطور وباء فيروس كورونا.
كما شجع رئيس الوزراء الفرنسيين على القيام بحجوزاتهم، بما يمكن من منح نفس لمالية القطاع المنهكة. ومن خلال تبديد مخاوف مواطنيه، أكد فيليب أن فاعلي قطاع السياحة، والفنادق، ملتزمون بضمان تعويض الحجوزات بالكامل في حالة ما إذا جعل تطور الوباء الذهاب في إجازة أمرا مستحيلا.
وفي فرنسا، توقفت الفنادق، والمطاعم، ومنظمو الرحلات السياحية... باختصار الصناعة السياحية برمتها منذ منتصف شهر مارس الماضي.
ومن أجل إنقاذ هذا القطاع الجوهري بالنسبة للاقتصاد الوطني، الذي يمثل لوحده 7,2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر نحو مليوني منصب شغل، كشفت السلطة التنفيذية الفرنسية النقاب عن خطة واسعة قيمتها "18 مليار يورو من الالتزامات"، في شكل قروض واستثمارات في الأسهم.
وأوضح رئيس الوزراء أن الهدف هو مساعدة هذا القطاع الذي يواجه "على الأرجح، أسوأ اختبار في تاريخه الحديث، على الرغم من كونه يعد أحد ذرر الاقتصاد الفرنسي"، معتبرا أن إنقاذ السياحة أضحى "أولوية وطنية".
هكذا، سيكون "قضاء الفرنسيين للعطلات في فرنسا" مغنما للقطاع، الذي سبق وأن عانى جراء أزمة "السترات الصفراء" والحركة الاجتماعية المناهضة لإصلاح المعاشات التقاعدية، والذي تلقى خلالها ضربة موجعة.
لكن سيكون بوسع الفرنسيين السفر داخل فضاء شنغن، شريطة أن تقرر دول المنطقة ما إذا كانت ستفتح حدودها.
وفي هذه الأثناء، بددت الحكومة قليلا من آمال الفرنسيين حول التمكن من السفر إلى مكان آخر خارج فرنسا، داعية إياهم إلى رؤية الكيفية التي يتطور بها وضع جائحة فيروس كورونا في أوروبا قبل القيام بالحجز.
واعتبرت وزيرة الدولة للشؤون الأوروبية، أميلي دو مونتشالين، في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام الفرنسية، أنه "بالنسبة للوجهات السياحية الأوروبية، يجب اتخاذ القرار بكيفية منسقة، من خلال النظر إلى الكيفية التي يمكن بها استئناف التدفقات في المناطق الحدودية".
كما نصحت المسؤولة الحكومية مواطنيها بالتريث، لأنه "في هذه المرحلة، ليس هناك وضوح في الرؤية حول الوضع الصحي، وحول ما يمكننا القيام به في شهر أو شهرين أو ثلاثة".
إنها عطلة في فرنسا: نعم ولكن بشروط. ربما في أوروبا أو في مكان آخر، ليست هناك رؤية. سيتعين على الفرنسيين أن يقابلوا هذا الأمر بالصبر وأن ينتظروا غدا أفضل، مع إدراك إمكانية حصول موجة وبائية ثانية من شأنها أن تذهب ببرامجهم أدراج الرياح، وأن تبقي أعينهم مركزة على الحصيلة اليومية للوفيات، ولكن أيضا على حالات التعافي من فيروس كورونا، هذا العدو الغريب الذي جاء ليبعثر حياة ملايير الناس حول العالم.