وتتواصل فعاليات هذا المعرض، المنظم من قبل المؤسسة الوطنية للمتاحف تحت شعار "مئوية معلم الخزف بوجمعة العملي بآسفي (1919-2019) وأول مدرسة للخزف بالمغرب"، إلى غاية 11 يناير المقبل بآسفي.
وجرى افتتاح هذا المعرض في احترام تام للتدابير الوقائية المعمول بها للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، بحضور كل من رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف السيد مهدي قطبي، وعامل الإقليم، السيد الحسين شاينان، وممثلي المصالح الخارجية والمنتخبين المحليين والسلطات المحلية، وكذا شخصيات أخرى من آفاق متعددة.
وقام السيد قطبي والوفد المرافق له بجولة في الفضاء المخصص لهذا المعرض حيث قدمت لهم شروحات في هذا الإطار، قبل أن يتابعوا شريطا وثائقيا يبرز غنى الخزف في آسفي وتاريخه وتقنياته وألوانه، معززا بسلسلة من الشهادات لمعلمي الخزف بحضارة المحيط.
ويشكل هذا المعرض غوصا في أعماق مهارة أصيلة ومتنوعة وغنية، حيث يؤرخ في مراحل متعددة، لعقود شكلت هوية الخزف في آسفي بفضل أشكال تنميقية وهندسية موجهة لتزيين الجدران من قبيل "التربيعة" و"خيدوس" المستوحاة من النسيج الزياني.
ويتيح هذا المعرض لعشاق الخزف المغربي سواء من داخل الوطن أو خارجه، وكذا ساكنة آسفي والصناع التقليديين ومعلمي الخزف والباحثين في التراث، الفرصة للاحتفاء بمرور قرن على إقامة معلم الخزف بوجمعة العملي (منذ 1919)، وكذا إحداث أول مدرسة للخزف بالمغرب وإفريقيا (منذ 1920).
وحسب المؤسسة الوطنية للمتاحف، فإن هذا المعرض يروم تكريم هذا المعلم الكبير في الخزف الذي جعل من آسفي عاصمة للخزف بالمغرب، من خلال إعادة إحياء وتحديث هذه الحرفة، ولفت الانتباه إلى الدور الذي اضطلعت به حاضرة المحيط وحرفيو الخزف فيها في تطوير قطاع الصناعة التقليدية في مجال الفخار والخزف.
وسيكون أمام الجمهور الفرصة لاستكشاف مجموعة من أعمال هذا المعلم الذي أبدع في هندستها وتصميمها، إلى جانب أعمال أخرى تعود ملكيتها إلى الخواص.
وبالمناسبة، عبر رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، السيد مهدي قطبي، عن سروره وفخره بالتواجد بين أحد كبار معلمي الخزف بوجمعة العملي الذين حافظوا على جمالية وتقاليد وحداثة الخزف، مبرزا أهمية العمل المبذول من قبل المؤسسة منذ إحداثها قصد النهوض وصون الفن والثقافة بالمملكة.
وذكر السيد قطبي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بأن المؤسسة قررت، بمناسبة تخليد الذكرى السادسة لافتتاح صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، إتاحة ولوج بالمجان إلى جميع المتاحف التابعة لها، خلال الفترة ما بين 12 إلى 18 أكتوبر الجاري.
وعبر، من جهة أخرى، عن أمله في أن "يسهم متحف الخزف في مكناس بعد ترميمه في تسليط الضوء على كبار المعلمين في مجال الخزف، من خلال تخصيص كل قاعة من هذه البنية المتحفية لاسم فنان أو حرفي في الخزف".
من جانبه، شدد محافظ المتحف الوطني للخزف بآسفي، السيد سعيد شمسي، على خصوصية هذا الحدث الذي تخلده المؤسسة الوطنية للمتاحف، وهو ما يدل على القناعة الراسخة بأهمية المتاحف في النهوض بنشر ثقافة الحرف وتقريبها من الأجيال الصاعدة.
وأشار السيد شمسي، في تصريح مماثل، إلى أن مولاي أحمد السرغيني كان من أحد كبار معلمي الخزف بآسفي الذين أبرزوا خصوصية حاضرة المحيط باعتبارها مدينة المتاحف في مشهد يدل على غنى وتنوع الحضارة المغربية عامة وحضارة آسفي خصوصا.
وأوضح في هذا الصدد، أن مدينة آسفي جديرة بلقب عاصمة الخزف بامتياز، استنادا إلى تاريخها المتأصل الذي قد يعود إلى حقبة الفنيقيين، مسجلا أن صيت وخصوصية الخزف بآسفي، بألوانه وجودته وأشكاله وزخارفه تتجاوز الحدود الوطنية.
وقد مكنت أعمال العملي، التي أثرت على معظم معلمي الخزف من أبناء مدينة آسفي (السوسي، السرغيني، الطاهر، عبدالقادر الغريسي، محمد الرباطي السنتيل)، من حصول مدينة آسفي على صفة عاصمة الخزف المغربي بعد مدينة فاس، وأيضا تمثيل المغرب في العديد من المعارض الدولية.
وفضل العملي، المتحدر من الجزائر، وخريج الفنون الجميلة بالعاصمة الجزائرية، الاستقرار نهائيا في المغرب وتحديدا بمدينة آسفي، وذلك بعد تجربة غنية اكتسبها من خزفيين فرنسيين بمتحفي لوفر ودو كليني.
وقد بدأ العملي الذي توفي عام 1971 ، مساره المهني بالمغرب عام 1919، من خلال تأطيره لخزفيي مدينة آسفي، وبعد مرور عام على ذلك، قام بتأسيس مدرسة للمهن الخزفية هي الأولى من نوعها في المغرب وإفريقيا.