بالفعل، تمكن هذه المدارس، التي تعتبر تجربة نموذجية بجهة الشرق، من تجاوز المعيقات الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية التي تعتبر من العوامل الرئيسة لظاهرة الهدر المدرسي بالمناطق القروية.
وتمنح هذه المدارس فضاءات تجمع كل الظروف التربوية والصحية (داخلية، نقل مدرسي ...)، وقد ساهمت بشكل كبير في التشجيع على التمدرس، خاصة بالنسبة للفتيات، على مستوى إقليم جرادة الذي يتوفر على عدد مهم من المدارس الجماعاتية، وذلك بفضل المساهمات المحمودة، كما وكيفا، لمختلف الشركاء.
وأوضح رئيس قسم الاتصال بالمديرية الإقليمية للتربية الوطنية بجرادة، يوسف حموش، لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "الإقليم يتوفر على سبعة مدارس جماعاتية تعمل سلفا، فيما يرتقب افتتاح اثنتين جديدتين مع الموسم الدراسي 2021 – 2022، أي بمعدل تغطية للجماعات القروية يصل إلى 90 في المائة".
وأبرز أن بناء المؤسستين الجديدتين، اللتين ستعززان شبكة المدارس الجماعاتية بالإقليم الذي يضم 11 جماعة قروية، يتم في إطار شراكة بين مجلس جهة الشرق، وسيستفيد منهما تلاميذ الابتدائي بجماعات لبخاتة والعوينات"، متوقفا عند الرغبة في بناء مدارس مماثلة بالجماعتين المتبقيتين.
واعتبر السيد حموش أن المدارس الجماعاتية تمكن المديرية الإقليمية من تحقيق نتائج جد مشجعة فيما يتعلق بتمدرس الأطفال بالعالم القروي، خاصة في صفوف الفتيات.
وبلغة الأرقام، أشار المتحدث إلى أنه في بعض داخليات المدارس الجماعاتية يتجاوز عدد الفتيات عدد الذكور بفارق كبير، لافتا إلى أن من بين أهداف هذه المؤسسات عقلنة الموارد البشرية وخفض عدد الأقسام المشتركة وتحقيق نتائج جيدة على مستوى المردودية المدرسية ومكافحة الهدر المدرسي.
وأكد السيد حموش على أنه تم تحقيق هذه الأهداف على مستوى المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بجرادة.
وقد تم افتتاح أول مدرسة جماعاتية بالإقليم سنة 2008 وتقع بالجماعة القروي تيولي وتستقبل تلاميذ ينحدرون في الغالب من أسر معوزة تعيش بخمس أو ست دواوير موزعة على تراب الإقليم.
وأشار مدير مدرسة تيولي، جمال زروقي، إلى أن هذه "المؤسسة، التي تم تجديدها بعد تشييد مبنى جديد يوفر فضاءات ملائمة وظروف أفضل للتمدرس، قدمت مساهمة كبيرة ولا يمكن إنكارها في خفض ملموس للهدر المدرسي والتشجيع على تمدرس الفتيات على مستوى الجماعة".
بالإضافة إلى الحجرات الدراسية، من بينهما اثنتان مخصصتان للتعليم الأولي وستة للتعليم الابتدائي، تتوفر المدرسة على مكاتب إدارية وملعب رياضي وداخلية بسعة 120 سريرا، مع وحدة للطاقة الشمسية لتوفير الماء الساخن، ومطبخ وقاعة طعام وملعب رياضي ومرافق أخرى.
وقفز عدد التلاميذ بهذه المدرسة، التي تطلبت استثمارا قدره 9,32 مليون درهم، من 136 تلميذا، من بينهم 52 فتاة، خلال موسم 2010 – 2011 إلى 190 تلميذا سنة 2017 – 2018، ثم إلى 179 تلميذا، من بينهم 80 فتاة، خلال الموسم الدراسي الحالي.
وفي معرض تأكيده على المهمات التربوية والاجتماعية للمدرسة الجماعاتية، قال السيد زروقي إن هذا الإطار التحفيزي على التعليم والذي توفره مدرسة تيولي، وكذا وجود حافلات النقل المدرسي لتسهيل تنقل الأطفال هي من نقاط القوة التي دفعت الأسر بالجماعة، بمن فيهم الرحل، إلى طلب خدمات هذه المؤسسة.
عدد من تلاميذ المؤسسة أكدوا لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه المدرسة توفر لهم ظروفا مناسبة وتضع تحت تصرفهم جميع الوسائل التي يحتاجونها لمتابعة تعليمهم في جو من الهدوء والسكينة، بما في ذلك المدرسة الداخلية التي تجنبهم عناء التنقل لعدة كيلومترات يوميا للوصول إلى أماكن إقامتهم.
في هذا السياق، أعربوا عن امتنانهم لمختلف الشركاء الذين ساهموا في إنشاء هذه المدرسة التي توفر لأطفال هذه الجماعة، وخاصة الفقراء، جودة أفضل من حيث التجهيزات ومستوى التعليم.
ويبلغ عدد تلاميذ التعليم الابتدائي بإقليم جرادة 13 ألفا و 749 تلميذا، 6350 من بينهم في المناطق القروية، فيما تستقبل المدارس الجماعاتية أزيد من 1600 تلميذا في الوقت الراهن.