وتناول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الأمريكيتين في بويبلا بالمكسيك مضمون القرار الأخير لمجلس الامن ودينامية افتتاح قنصليات للعديد من الدول بالداخلة والعيون، فضلا عن مسيرة التنمية في كافة المجالات بالأقاليم الجنوبية.
وكانت للمعرفة العميقة بملف الصحراء عاملا مهما للأستاذ رومان لوبيز فيليكانا في كتابة مؤلفه تحت عنوان "مشكلة الصحراء: آفاق جيواستراتيجية"، والذي تطرق فيه على الخصوص للروابط التاريخية العميقة التي تربط الأقاليم الصحراوية بالدولة المغربية، مستعرضا العوامل الاقيليمة والدولية التي ساهمت في إطالة عمر هذا النزاع.
1- في مواجهة الإخفاقات المتتالية على المستوى الدبلوماسي، تهدد البوليساريو بالعودة إلى حمل السلاح، وتضاعف الانتهاكات والاستفزازات. ما هو رد فعلكم إزاء هذا الهروب إلى الأمام؟
أعتقد أن "تهديدات" (البوليساريو) لا تعدو أن تكون مجرد مناورات. فلم يعد لها نفس الدعم بالمال والسلاح من طرف نظام القدافي كما كان عليه الأمر في السابق. كما أن الدعم العسكري الجزائري أصبح محدودا أكثر فأكثر، نظرا لأزمة انهيار أسعار النفط. وباتت "البوليساريو" تعرف أن أيامها معدودة. والعالم يدرك العمق الحقيقي للمشكل، وسيدعم بالتالي حلا سلميا. إن ما يحدث بالكركارات هو خير مثال على ذلك.
2- في قراره رقم 2548 كرس مجلس الأمن الحكم الذاتي كمبادرة جادة وحيدة وذات مصداقية نحو حل سياسي على أساس مسلسل الموائد المستديرة التي تعتبر الجزائر طرفا رئيسيا فيها، ومدعوة للالتزام فيها جديا طوال مدة انعقادها. ما هي قراءتكم لهذا القرار الجديد؟
- أنا مرتاح لتبني مجلس الأمن الدولي لقرار يدعم المخطط المغربي للحكم الذاتي بالصحراء، الذي يعتبر حلا مناسبا لهذا المشكل المفتعل. من المهم الإشارة إلى أن الجزائر مدعوة ضمنيا إلى الانخراط جديا في المفاوضات. وقد أشرت دائما إلى أن حل هذا المشكل المصطنع حول الصحراء يمر عبر الجزائر.
لقد بدأ الرأي العام الدولي يدرك شيئا فشيئا أن هذا النزاع الذي افتعل بسبب طموحات الجزائر، مشكل مصطنع طال أكثر من اللازم، وأثر سلبا على اقتصاد البلدين.
هذا الإدراك يتجلى في التغير الملموس في المواقف على المستوى الدولي، وفي المكسيك، حيث إن جميع المؤشرات تؤكد انهيار الانفصاليين في مواجهة النجاحات المتعددة للديبلوماسية المغربية بالأمم المتحدة لاسيما في المنتديات الدولية، وهو ما دفعهم بسبب اليأس، إلى محاولة إثارة الأنظار من خلال تنظيم "مظاهرة" أمام سفارة المغرب بالمكسيك.
3- أكدت المكسيك أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة دعمها لمسلسل المفاوضات لايجاد حل سياسي عادل، ودائم، ومتوافق عليه لقضية الصحراء. كيف تفسرون موقف المكسيك، والذي تنصل على غرار الأغلبية الساحقة للمجتمع الدولي من "البوليساريو" وعرابتها الجزائر من خلال التأكيد على سمو الحل السياسي؟
لقد دعمت المكسيك دوما الحل السلمي لهذا النزاع. وهذا المبدأ في السياسة الخارجية يكرسه دستور البلاد. إن موقف المكسيك يجب أن يتغير إيجابيا وبشكل تدريجي بشأن قضية الصحراء المغربية. هناك نوع من سوء المعرفة بعمق المشكل من جانب الرأي العام بالمكسيك. وقد أخذ الرأي العام المكسيكي يتعرف على الموقف المغربي الذي يتوافق مع حقيقة النزاع، بعد فتح سفارة المملكة في المكسيك. وهذا كما قلت سابقا يثير حنق الانفصاليين وداعميهم.
من جهة أخرى تم توزيع حوالي 1000 نسخة من كتابي "مشكلة الصحراء: آفاق جيواستراتيجية" والذي حاولت فيه إعطاء نظرة أخرى عن هذا النزاع بعيدا عن الأيديولوجية، وأعتقد أن ذلك بدأ يعطي تماره. وبرأيي من المهم القيام بكثير من العمل في هذا الاطار، لتحسيس الأوساط الجامعية المكسيكية. وقريبا ستصدر طبعة أخرى من الكتاب ذاته لمواصلة العمل على توعية أواسط الشباب في المكسيك.
و أعتقد أن موقف المكسيك لا ينبغي أن يبقى عالقا بترسبات الماضي، وهناك مؤشرات إيجابية بشأن تطور موقف المكسيك في هذه القضية.
4- افتتاح القنصليات بالصحراء المغربية يتواصل ويتعزز. أي معنى تعطونه لهذا التطور الرئيسي؟
إنها دينامية مهمة لأن دولا عديدة ساندت دوما الوحدة الترابية للمملكة تجدد التأكيد على ذلك اليوم. ولا ينبغي أن ننسى أن معظم الدول العربية دعمت المغرب في 1975 خلال المسيرة الخضراء المظفرة. وتظهر هذه البلدان اليوم أكثر من أي وقت مضى، هذا الدعم القوي للمغرب الذي يستفيد منه المغرب في افريقيا وفي العالم العربي في هذا الملف.
5- بمناسبة الذكرى ال45 للمسيرة الخضراء، رسم جلالة الملك محمد السادس خارطة طريق لتعزيز الاندماج الاقتصادي للأقاليم الجنوبية لجعلها قاطرة للاشعاع القاري والدولي. ماهي قراءتكم لالتزام المغرب المتجدد لتشجيع التعاون جنوب جنوب؟
تواصل التنمية والاندماج الاقتصادي والاجتماعي للصحراء التقدم بشكل مثير للإعجاب. وتكفي زيارة مدينة العيون أو الداخلة لمعاينة التطور السريع لهذه الأرض التي كانت منسية خلال حقبة الاحتلال الاسباني (...) واليوم يتعين بذل جهود لتعزيز العلاقات جنوب- جنوب للتمكن من تحويل الأنظار نحو افريقيا وليس فقط الولايات المتحدة وأوربا. ويستطيع المغرب في الواقع المساعدة على هذه المبادرة بشرط توفر الأمم الاسبانوامريكية على سياسة واضحة للاقتراب من بوابة افريقيا التي تشكلها المملكة وتقوية الروابط الاقتصادية والثقافية بين هاتين القارتين.