وقال ورغي، وهو مدير سابق لوكالة (تونس إفريقيا للأنباء)، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، "مما لا شك فيه، أن هذا التحرك جاء بعد أن استنفد المغرب جميع السبل لاستعادة النظام والأمن بالمنطقة".
وتساءل ورغي قائلا: ألم يفتح المغرب الطريق أمام المساعي الحميدة للأمين العام للأمم المتحدة وبعثة "المينورسو" لحمل "البوليساريو" على وضع حد لممارساتها التي تهدد الأمن بالمنطقة العازلة بالكركرات؟ .
وسجل أن هذه المبادرات التي قوبلت، لسوء الحظ، بتجاهل من طرف "البوليساريو"، دفعت المغرب إلى الاضطلاع بمسؤولياته، والتحرك على الميدان قصد استعادة حرية التنقل بهذه المنطقة وقطع الطريق أمام تحركات محتملة قد تكون لها انعكاسات خطيرة.
وأضاف أن المملكة "تحركت في إطار الشرعية" لاستعادة حرية التنقل بمركز الكركرات على حدودها مع موريتانيا.
وأوضح نجيب ورغي، وهو أيضا مدير تحرير سابق لمجلة (حقائق) التونسية وصحيفة (لابريس)، أن "الأمر يتعلق بعمل مشروع تبرره إرادة المغرب في الاضطلاع بشكل كامل بمسؤولياته، وإنهاء العرقلة التي تسببت فيها تحركات ميليشيات "البوليساريو" التي أقل ما يقال عنها إنها مشبوهة، واستعادة حرية تنقل الأفراد والبضائع بهذه المنطقة المغربية".
وذكر بأن المغرب، الذي برهن على أكبر قدر من ضبط النفس، وجد نفسه مضطرا إلى التحرك عبر القيام بعمل مدروس في احترام تام للسلطات المخولة له، وفي انسجام تام مع الشرعية الدولية.
وأوضح أن المملكة تحركت بإرادة ثابتة من أجل وضع حد للتطورات الخطيرة التي وقعت بمنطقة الكركرات العازلة، مضيفا أنه من خلال السماح للقوات المسلحة الملكية بإقامة حزام أمني، ليلة الخميس إلى الجمعة، من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر المنطقة العازلة للكركرات، التي تربط المغرب بموريتانيا، يظهر أن المملكة لم تكن أمامها خيارات أخرى.
واعتبر أنه من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر هذا المحور، أخذ هذا التحرك الذي ليست له نوايا عدوانية، بعين الاعتبار قواعد واضحة: استعادة حرية التنقل ووضع حد للتحركات المشبوهة، مع تجنب أي تصعيد أو مصدر للتوتر، مبرزا أنه من هنا تقوم هذه العملية على تجنب أي احتكاك مع أشخاص مدنيين وعدم اللجوء إلى استعمال السلاح إلا في حالة الدفاع عن النفس.
وذكر الكاتب الصحفي التونسي، من جهة أخرى، أن "البوليساريو" كانت تسعى، من خلال إغلاق هذا المركز الحدودي، إلى جر المنطقة إلى دوامة من عدم الاستقرار.
وتابع أن "إغلاق معبر الكركرات، وأعمال التخريب والتخويف وكذا التهديدات التي تم التلويح بها لتقويض وقف إطلاق النار، الساري المفعول منذ 1991، تنطوي على دلالات قوية حول الأهداف التي يبحث عنها أولئك الذين يتحركون ومن يدعمونهم من أجل إشعال فتيل النار بالمنطقة".
وأشار السيد ورغي إلى أنه من الواضح أن إغلاق هذا المعبر يروم تحقيق ثلاثة أهداف: أولها نسف الجهود الأممية من أجل التوصل إلى حل عادل، ودائم ومقبول من قبل كافة الأطراف، ثم جر المنطقة إلى دوامة عدم الاستقرار، وأخيرا التعتيم على التقدم الكبير الذي حققه المغرب على الصعيد الدولي، في ما يتعلق بمجريات هذا الملف.
وتساءل من المستفيد من هذا البحث اليائس عن التصعيد وتأجيج التوترات، في السياق الحالي الذي تشهده المنطقة؟.
وأوضح أن تحركات "البوليساريو" بالكركرات لا يمكن النظر إليها إلا بكونها طريقة ملتوية لتقويض مسلسل بلغ مرحلة متقدمة من النضج، بالنظر إلى النجاحات المتتالية التي يحظى بها المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي، الذي يتسم بالبراغماتية وتثمين التوافق، من أجل إيجاد حل نهائي لهذا النزاع الذي طال أمده، والذي قوض لحد الآن كافة فرص بناء مغرب عربي منسجم ومتضامن.
وأضاف أن الأمر يتعلق بشكل من الهروب الذي قد يهدد الأمن بالمنطقة ويقوض المسلسل الذي من شأنه إضفاء الطابع الفعلي على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وبتنكر خطير للجهود الأممية".
وبحسب نجيب ورغي، فإنه يبدو أن الذين يقفون وراء هذه الأعمال، وكذا أولئك الذين يدعمونهم، لا يستسيغون أي توافق وأي سلام عادل ومستدام في هذه المنطقة المغربية.
ولاحظ أن توقيت إطلاق هذه الأعمال، ليس اعتباطيا على الإطلاق، مذكرا بأن التطورات الخطيرة الأخيرة تكشف عن إصرار بعض الأطراف على إسكات الدينامية التي بدأت في الانبثاق.
وبالفعل، ففي كل مرة تكون هناك مبادرة أممية أو دولية تهم الصحراء المغربية، تلجأ "البوليساريو" إلى لعب ورقة التصعيد، ورفض أي توافق واي حل مستدام.
ومن الواضح أن هروب "البوليساريو" إلى الأمام جاء عقب صدور قرار مجلس الأمن رقم 2548 ، والذي تم اعتماده في 30 أكتوبر، والذي يحدد بشكل واضح الوسائل المؤدية إلى حل سياسي واقعي، براغماتي، ودائم ويرتكز على التوافق.
واعتبر الباحث نفسه، بأن الأمر يتعلق بهروب إلى الأمام من أجل الحيلولة دون انعقاد موائد مستديرة بمشاركة الأطراف المعنية، وهي المغرب والجزائر وموريتانيا و"البوليساريو"، المدعوة إلى الدخول في مشاورات تطبعها روح الواقعية والتوافق.
وأكد أن كل ذلك يبرهن عن أن الوضع السائد حاليا بمعبر الكركرات بعيد عن أن يكون وليد الصدفة، مشددا على أنه يعكس بشكل كبير تصميم بعض الأطراف على ضرب أسس الأمن والسلم بهذه المنطقة.