وأكد خليفة رئيس مجلس المستشارين المكلف بالشؤون الإفريقية، السيد عبد الحميد الصويري، في مداخلة خلال هذه الندوة، أن هذا الاجتماع من شأنه الرفع من درجة اليقظة والرصد والتعبئة وطرح الحلول والمبادرات لمواجهة التحديات والقضايا المصيرية التي تواجهها القارة الافريقية، وعلى رأسها قضايا الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، وحشد جهود البرلمانيين في تعزيز وتشجيع الاستثمارات المسؤولة في المنظومة الزراعية والأنظمة الغذائية بكل أبعادها ومستوياتها.
ولفت أيضا، في معرض مداخلته، إلى الظروف الإقليمية والدولية الصعبة والاستثنائية، التي فرضتها التبعات السلبية لجائحة "كوفيد 19" على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، مسجلا أنه وفق الدراسات والتقارير الصادرة عن الهيئات والمنظمات الدولية ذات الصلة، يرتقب أن يعيش العالم أسوء كساد اقتصادي في القرن الحالي، حيث أن الاقتصاد العالمي في طريقه نحو نمو سالب يقارب 5 بالمائة، مع وصول نسبة المديونية العامة العالمية لمستويات قياسية وغير مسبوقة، ومشيرا إلى أن هذه المؤشرات تكشف حجم التحديات غير المسبوقة المطروحة على الأجندة الاقتصادية والاجتماعية العالمية خاصة فيما يتعلق بآليات التعافي وإعادة التنشيط الاقتصادي وتقوية الاستثمارات، ولاسيما المرتبطة بتحسين النظم الغذائية.
وأكد السيد الصويري أن " هذه المؤشرات والتحديات المتعاظمة وغير المسبوقة تفرض، أكثر من أي وقت مضى، ضرورة تكاثف الجهود من أجل وضع إطار إفريقي كآلية للتعاون والتضامن والتآزر بين كل دول القارة وتعزيز العمل المشترك بين الحكومات والبرلمانات والقطاع الخاص والمنظمات الدولية، في إطار منظومة من الجهود المنسجمة والمنسقة من أجل الانتقال نحو أنظمة غذائية أكثر استدامة في إفريقيا وضمان الأمن الغذائي كمدخل استراتيجي وأساسي لمعالجة تداعيات الجائحة وما نتج عنها من تنامي في نسب الهشاشة وخصوصا على مستوى شعوب وبلدان قارتنا ".
وأبرز أن المغرب يعتبر أن أفضل وأنجع المسارات الكفيلة برفع هذه التحديات وتحقيق هذا المسعى يتجسد بالأساس في العمل المشترك والتعاون والتضامن بين البلدان الإفريقية، مبرزا في هذا الصدد فلسفة صاحب الجلالة الملك محمد السادس والتزامه الراسخ بالنهج التضامني مع الدول الإفريقية الشقيقة، والتي عكستها المبادرة المولوية السامية التي قدمها جلالته والرامية إلى إنشاء إطار عملي يهدف إلى مواكبة البلدان الإفريقية في المراحل المختلفة لمواجهة وباء كورونا، من خلال السماح بتبادل الخبرات والممارسات الفضلى لمعالجة الآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الوباء.
كما سجل أن البرلمانات الوطنية أو الجهوية وكذا الشبكات البرلمانية للأمن الغذائي مطوقة أكثر من أي وقت مضى بمسؤوليات وأدوار كبيرة وأساسية، على اعتبار أن البرلمانيين شركاء أساسيون في السياسات المرتبطة بالاستثمارات الزراعية والنظم الغذائية، كما يضطلعون بأدوار ومهام تشريعية ورقابية، مرتبطة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلى جانب مهامهم المحورية في عملية سن القوانين والتشريعات المتعلقة بتعزيز الاستثمارات الحكومية والخاصة، ولاسيما المقاولات الصغرى والمتوسطة، في القطاع الزراعي.
واستعرض خليفة رئيس مجلس المستشارين أيضا الجهود التي يبذلها كل من المجلس ورابطة مجالس الشيوخ والشورى في مواجهة تحديات الأمن الغذائي في إفريقيا والعالم العربي، والتي توجت بتأسيس الشبكة البرلمانية للأمن الغذائي بإفريقيا والعالم العربي بمناسبة انعقاد "المنتدى البرلماني الاقتصادي العربي الافريقي" بمقر مجلس المستشارين شهر أبريل من سنة 2018 بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).
يذكر بأن الشبكة البرلمانية للأمن الغذائي بإفريقيا والعالم العربي، عقدت أول اجتماع لها على هامش الندوة حول موضوع "البرلمانات ورهانات الأمن الغذائي" بمقر مجلس المستشارين في يناير من سنة 2019، حيث تم إقرار الميثاق التأسيسي للشبكة.
كما عقد المكتب التنفيذي للشبكة البرلمانية للأمن الغذائي في إفريقيا والعالم العربي، برئاسة رئيس مجلس المستشارين السيد عبد الحكيم بن شماش، اجتماعا آخر في يونيو 2020 عبر تقنية التواصل عن بعد لتدارس موضوع "تأثير جائحة كوفيد 19 على الأمن الغذائي بالمنطقتين الإفريقية والعربية"، حيث توج هذا الاجتماع بتوصيات هامة أهمها الدعوة الى عقد ندوة دولية للإسهام في المجهود البرلماني الدولي لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في بناء تحالف برلماني عالمي للقضاء على الجوع وسوء التغذية وكذا تقوية التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، خاصة من خلال توصياتها الرامية إلى التخفيف من مخاطر الجائحة على الأمن الغذائي واتخاذ إجراءات استباقية من أجل الحد من تأثيرها على الاقتصاد.