وبالمناسبة، قال السيد عبد الله الشيخ إن "هذا الاستحقاق الذاتي مقام اعتباري في مشواري العلمي ومساري النقدي. إنه بلا ريب تتويج لسنوات من التحصيل الأكاديمي بتؤدة ونكران الذات".
وأضاف السيد الشيخ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، "يطيب لي أن أغتنم هذا التتويج لكي أشيد وأحيي كل القائمين والمشرفين على هذه الجائزة التنويرية، رئاسة وأعضاء، لما تضطلع به من دور فعال في النهوض بشروط البحث العلمي وتعزيز صيغ اشتغاله".
وأوضح أن "جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي، التي أسست منذ دورتها الأولى عام 2008، تعد مبادرة استثنائية ومنفردة على الصعيد العربي بكل المقاييس، لتقاليد ثقافية بصرية جديدة ساهمت بشكل فعال في إغناء الرصيد النقدي الرصين والمحكم خارج الأحكام القيمية والإنطباعات الأولية، وذلك بشهادة النقاد المتخصصين والباحثين الجماليين".
وأشار إلى أنه "لابد من الإقرار في هذا السياق التداولي بحقيقة مفادها أن المشهد التشكيلي العربي حافل بالأعمال الإبداعية الحديثة والمعاصرة معا محققا بذلك رهاناته الكمية والنوعية، لكن في مقابل ذلك نلاحظ، جليا، تراجع المتابعة النقدية وعدم مواكبتها لمستجداته العامة".
وسجل أن هذه الوضعية "تستلزم حتما التوفيق بين العرض الإبداعي والتلقي النقدي في إطار ما يستدعيه مشروع إرساء دعائم الثقافة البصرية والتربية الجمالية في عالم فرجوي بامتياز غدت معه الحياة مظهرا خاضعا لتنظيم اجتماعي يقوم على ثنائية الوجود الفعلي والظهور بدل ثنائية الوجود والعندية".
وأكد أنه "لا يمكن تدارك هذا التراجع وتحقيق ذلك التوفيق التلازمي إلا بفضل مثل هذه الجائزة التحفيزية المائزة التي تحتفي بجهود الباحثين ونقاد الفن التشكيلي العربي، وتسعى إلى التعريف بأعمالهم الفكرية عبر النشر والتداول العلمي، فضلا عن ترسيخ لغتها النقدية كمادة مرجعية في التواصل التفاعلي مع الفنون البصرية عموما والفنون التشكيلية خصوصا".
وحاول الناقد التشكيلي من خلال الكتاب الذي توج به "المصطلحات الفنية في النقد التشكيلي العربي"، مقاربة هذا الموضوع انطلاقا من بعض النماذج التمثيلية للنقد التشكيلي المتداول داخل الأوساط المغربية، نظرا لتداخل مرجعياتها المعرفية والجمالية بمعجمها المصطلحي المستعار من عدة تخصصات علمية تتوزع بين تاريخ الفن والنقد الجمالي وعلم الجمال، وارتباطها بظهور مفاهيم جديدة من قبيل "ما بعد الحداثة" و"ضد الفن" و"نهاية الفن".
كما ساءل الشيخ من خلال كتابه بعض تجارب النقد التشكيلي بالمغرب، إذ توقف عند تجربتي الناقدين إبراهيم الحيسن وبنيونس عميروش، كما حاول مقاربة المشروع القرائي لكل من الباحث والمفكر الراحل عبد الكبير الخطيبي خاصة من خلال كتابيه "الاسم العربي الجريح" و"الفن العربي المعاصر"، مدشنا تأويلا معاصرا يقترح عدة تخصصات يتقاطع فيها النقد السوسيولوجي والبحث السيميولوجي والنقد الأدبي والأنثروبولوجيا.
واستعرض أيضا، جوانب من التجربة النقدية للباحث الجمالي بوجمعة أشفري الذي نحا في تجربته في اتجاه الانتصار للوظيفة الرمزية للأشكال، بالاعتماد على منظور قرائي خاص عبر كتابيه "الفن بين الكلمة والشكل" و"العين والنسيان".
ويضم الباحث عبد الله الشيخ في رصيده العديد من المؤلفات منها "وجمعة لخضر وسحر العلامة"، و"أصوات الصمت"، و"الشعيبية طلال.. أسطورة حية"، و"التواصل والإشهار في عصر الصورة"، إضافة إلى مشاركات في كتب جماعية وترجمات، فضلا عن مؤلفات أخرى قيد الطبع.