وحسب ورقة تقنية عن الكتاب، توصلت بها وكالة المغرب العربي للأنباء، فإن هذا الإصدار يشكل "ثمرة بحث طويل في موضوع التصوف استغرق أزيد من عشر سنوات قضاها المؤلف في القراءة والبحث والتأمل (..) وهو موضوع معقد وملتبس تتداخل فيه الجوانب العقدية والسلوكية، وتتجاذبه تيارات دينية واجتماعية وسياسية، فضلا عن صعوبة اختراق النص الصوفي المغرق في الغرابة والدهشة".
ويؤكد التوزاني في هذا الكتاب أن "التصوف بمنهجه الوسطي، استطاع تقديم نموذج رائد في التعايش السلمي والتواصل الحضاري، من خلال تبني قيم المحبة والحوار والتسامح، بحيث شكلت التجارب الصوفية مدرسة في السلم الاجتماعي".
وحسب الكاتب، فإن الهدف طيلة صفحات الكتاب يتمثل في وصف الظاهرة الصوفية في أبعادها المختلفة وتقاطعاتها المتباينة مع مجالات قريبة أو في تماس معها، وذلك وفق رؤية وسطية تنهل من مفهومي الوسطية والاعتدال ما تؤسس به مشروعيتها، وذلك في سياق الإسهام في اقتراح حلول لوضع عربي يريد أن يرتقي ولا يعرف كيف، فيكون واجبا حضاريا التفكير في عوائق هذا الرقي المنشود، بالعمل على صياغة فكر تنويري وعقلاني يستمد من التراث الإسلامي روحه ومن مستجدات العصر أدواته ووسائله.
ولهذا الغرض، يستدعي كتاب التصوف الإسلامي أشهر التجارب الصوفية الرائدة، في مجال التسامح والوسطية والاعتدال، من أجل توظيفها اليوم لتجديد المنظومة الصوفية برمتها، بغية تأسيس "تصوف النهوض" القائم على الصفاء الروحي والقيم الأخلاقية، إذ لا ثقافة فاعلة وواقعية بدون الوسطية التي تدل على اختيار الأجود والأفضل.
ويركز الإصدار الجديد أيضا على التصوف المغربي "من أجل اقتراح اندماج ممكن للتصوف في عالم اليوم، والإسهام بفعالية في تخليق الحياة العامة ببث روح العمل الجماعي والتضحية والإيثار والتضامن، وهي القيم التي ميزت المغاربة على مر العصور، وكان للتصوف دور في تحصينها".
فحسب الكاتب، فإن التصوف يشكل ثابتا من ثوابت الأمة المغربية، وأحد روافد الهوية الدينية في بعدها الوسطي والأخلاقي، إلى جانب باقي الثوابت الأخرى وعلى رأسها إمارة المؤمنين والمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية. وبذلك، فإن التصوف الجنيدي (نسبة إلى سيد الطائفة الصوفية أبو القاسم الجنيد البغدادي) يعد مكونا أساسيا من مكونات الهوية المغربية، يستحق الدراسة والبحث والتحليل، وخاصة في السياق المعاصر، حيث تدافع الثقافات وتقاطع الهويات، وحاجة المجتمعات إلى الاستقرار والتنمية.