وكتب سعود الأطلسي، في مقال بعنوان "+قيس+ الذي قد +يُشعل+ تونس نارا" نُشر على موقع (مشاهد 24)، أن الرئيس التونسي اخترق أيضا "حاجز الحذر من الزَّج بتونس في صراع، لن يعود عليها منه سوى، استعداء أحد طرفيه، المغرب أو الجزائر، بكل تبعات ذلك الاستِعداء، المُحتملة ديبلوماسيا وفعليا، على بلد محدود الإمكانيات، ومجالات مناورته ضيقة، وتحد منها، أكثر، إكراهات جيوسياسية، كونه وقع في كمَّاشة بين ليبيا والجزائر…، بين ليبيا القذافي "المشاكس" وليبيا الوضع الحالي “المرتعِش”؛ وبين الجزائر، ذات النظام العسكري المُقنَّع، بسلوكه السياسي الملتبِس…".
وأبرز أن تونس وجدت "في المغرب وهي تعاني من وضعها ذلك، البلد، دولة وشعبا، الأقرب إليها، الأوضَح معها، الأفيد لها والصادق والمأمون في علاقته معها… والمستعد لحمايتها، ديبلوماسيا أمنيا وحتى عسكريا، لو كان اقتضى وضعها ذلك، كما أعلن ذلك، في خطاب له، المغفور له الملك الحسن الثاني…".
وسجل سعود الأطلسي بهذا الخصوص أنه "وعلى نهج والده، عبَّر الملك محمد السادس، قبل سنوات قليلة ماضية، عن تضامُنه مع تونس في مواجهة حملات إرهابية، بمكوثه في تونس العاصمة حوالي شهر، وتجواله في أزقتها ومقاهيها، متحدِّيا الإرهابيين، وباعثا برسائل طمْأنة على سلامة الوضع في تونس للعالم… رسائل بنفس أخوي، يُكرِّس قاعدة التقدير العميق لتونس… ولن أُطيل بسرد شواهد، متعددة، على مكانة تونس لدى المغاربة، المعبَّر عنها بالأفعال وليس بمجرد الأقوال…".
وأكد أنه، أمام كل هذه العوامل، "تَفهَّم المغرب الوضع الحساس لتونس وحاجتها، مغاربيا، إلى إحاطة نفسها بصداقات، حتى وهي متفاوتة الصدق ومتباينة النوايا …ولكنها “صداقات” تمنع استفزاز عداوات ضدها، هي ليست حِملا لها… ولم يمارس أي ضغط لاستمالتها إلى جانبه، في دفاعه عن وحدته الترابية، وعن حقه التاريخي في استرجاع صحرائه من الاستعمار الاسباني…".
واستطرد بالقول إن المغرب "كان يلْمَس في ساسة تونس وفي نخبتها، إقرارا له بحقه ذاك، غير أنه لم يُلح على رفع ذلك الإقرار إلى التعبير الملموس عنه… سياسيا، لا بآليات تعبير الدولة ولا بآليات الممارسة الحزبية، النقابية والجمعوية التونسية…".
واعتبر الصحافي أن كل المغرب، بدولته وبأحزابه وبهيئاته الاجتماعية، تجنَّب إحراج تونس، وحافظ لها على كرامتها، وعلى حيادها، الذي يَقيها مخاطر استعداء النظام العسكري الجزائري، والذي لم يتوقف عن “تكشير” عدوانيته ضدها…"، مسجلا أنه في المقابل، "لم يتوقف النظام العسكري الجزائري عن الضغط على الدولة التونسية… عبر توظيف طول الحدود البرية بين البلدين، وبها ثقوب أمنية لا تملك القوات التونسية وسائل سَدِّها، أمام التسلل الإرهابي منها…".
وفي السياق نفسه، سجل السيد سعود الأطلسي أنه "بسبب +تكاسل+ الرصد الأمني الجزائري لها، عرفت تونس خلال السنوات الأخيرة عدة هجمات إرهابية، هزت استقرارها… وكان ذلك +التكاسل+ الجزائري ضغطا +عينيا+ على تونس لإغرائها بحمايته لها واستمالتها إلى سياساته، ومركز سياساته هي معاداته للمغرب"، مضيفا أن "النظام الجزائري انتهز أيضا هشاشة الوضع السياسي والاجتماعي لتونس بعد رجَّة +الخريف العربي+، في نسختها التونسية".
وأشار إلى أن "النظام الجزائري وجد فيه، الرئيس، الذي يسَّر له إرشائه بالهبات المالية، الطاقة، الغذاء والتنشيط السياحي، مقابل الارتِهان المُذِلّ لتونس لسياسات النظام الجزائري، المعادية للمغرب".
وسجل أن "أول علامات الانضباط لتوجيهات الجنرالات، كانت امتناع تونس عن التصويت على قرار مجلس الأمن الأممي، في خريف السنة الماضية… ذلك التصويت الذي يُشبه المناورة بالذخيرة الباردة أو الميتة، لم يكن بإمكانه إحداث أثر… عدا عن الترويض على الامتثال لتوجيهات +الموجهين+… ذلك الامتثال الذي تحقَّق بدعوة الرئيس التونسي لزعيم البوليساريو، الانفصالية، لحضور الندوة التي ترعاها اليابان، للتعاون مع إفريقيا، خدمة لمآرب جزائرية، وضد إرادة الراعي الياباني، كما أعلنت الخارجية اليابانية".
واعتبر طالع سعود الأطلسي أن "قيس سعيد بما أقدم عليه ضد المغرب لغَّم استقرار البلد مرتين… مرة بخسارته للمغرب، صديقا خالصا دائما، والحريص على النفعية المتبادلة من منطلق الاحترام المتبادل… ومرة حين انساق وراء الائْتِمار لجنرالات الحكم الجزائري، بمقابل عيني، قصير المدى ومحدود الصلاحية، والذي فرض عليه +الجزية+ السياسية، بمشاكسة المغرب، ولو ضد مصالح تونس. بما يُفقده استقلال القرار السياسي التونسي، ويرهن استقرار تونس لرضا جنرالات الحكم الجزائري، ويفرض عليه، مواصلة دفع تلك “الجزية”، والامتثال الدائم لهم…".
ونوه إلى أنه "ليس لي أن أتدخل في الشأن الداخلي التونسي… الشعب التونسي، له قِواه وهيئاته السياسية، النقابية والثقافية التي تخوض، برأيها وبفعلها، في تدبير الشأن العام التونسي"، مستطردا بالقول "ولكني أَلْحظ، أن السيد قيس سعيد أنتج بقراراته السياسية، جبهة واسعة وعريضة، معارِضة لقراراته… جبهة متنوعة الرؤى والحساسيات، السياسية، والفكرية… وحتى أن بعض مكوناتها متناحرة مع بعضها الآخر، في المنشأ وفي المسار… إلى أن أوجد لها السيد سعيد “منصة” التلاقي بينها، عبر معارضته… ودفع الوضع السياسي، في البلاد، للتدهور في أزمته".
وسجل الصحافي أنه "بإقدامه على استفزاز المغرب، يسعى السيد سعيد إلى تغذية تأزم العلاقات المغاربية بالمزيد من التوتر… لإضافة مُثبطات أخرى في المسار المغاربي، المُفَرمَل أصلا بالمشاكسة الجزائرية ضد المغرب، عبر التشجيع على تصعيد منسوب العدوانية في السلوك السياسي لجنرالات الحكم الجزائري…".
وخلص طالع سعود الأطلسي إلى أنه، بمثل هذه السُّلوكات السياسية، القاصرة والمُغيِّبة لمصلحة تونس، سيجد قيس سعيد نفسه أمام الشعب التونسي… "يغني له، من أوبريت، أحمد شوقي، +قيس وليلى+… +هل جئتَ تطلب نارا…أم جئتَ تُشعل البيت نارا”+".