وكتب جماهري في عمود "كسر الخاطر" نشر ضمن عدد نهاية الأسبوع لجريدة الاتحاد الاشتراكي، أن "الهجوم على المغرب من أطراف أوروبية متعددة يتصاعد في قضايا نظر وينظر فيها القضاء المغربي، كما أنها تشكل في الأجندة الوطنية موضوعا للتقدير الوطني من طرف المؤسسات الحقوقية الوطنية، صاحبة القرار المستقل، وأيضا من طرف القوى السياسية الفاعلة في البلاد، وكافة أطياف التعبير المدني".
وسجل "التحرك المحموم للعديد من التيارات التي تخص المغرب بحركية مناهضة مستمرة، وهؤلاء يعيدون إلى الأحداث، باستمرار، قضايا تعد من صميم الشؤون الداخلية المغربية، والتعالي على المؤسسات الوطنية الشبيهة والنظيرة في ما يشبه الوصاية الحقوقية المتعجرفة!".
وأضاف أن "هناك تحولات جيو-سياسية وأخرى سيادية لا يمكن أن تهضمها القوى التي نعرف انزعاجها من المغرب، الذي لم يعد يقرأ التاريخ فقط ولا يقتصر على تفسيره، بل صار يكتبه ويصنعه باستقلالية قوية.. وهو الأهم، وفي صميمها يعالج قضاياه العالقة القديم منها والقادم.. ومن المحقق أن القوى الوطنية الداخلية تدرك طبيعة هاته القضايا وتدرك الخادع منها والحقيقي، كما تدرك أن جزءا من أوروبا الذي طالبه المغرب بالخروج من التباسات الموقف الرمادي، يسعى إلى محاصرته ووضعه في وضعية دفاع، عوض حالة الهجوم التي بادر بها منذ ثلاث سنوات".
من جهة أخرى، أكد جماهري أن هذا القرار يأتي "والمغرب قد صار قِبلة للعديد من المسؤولين الأوروبيين، نذكر منهم، على الأقل، رئيسة المفوضية الأوروبية السيدة أورسولا فان لايدر والممثل السامي في قضايا الدبلوماسية والأمن جوزيف بوريل".
وأشار إلى أن "هناك بالفعل دينامية كبيرة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وقد عبر عنها جوزيف بوريل، الذي دعا إلى الرفع من مستوى الحوار السياسي والأمني والرفع من مستوى التعاون التجاري والاستثماري... إلخ، وهو نفس الشيء الذي عبر عنه نائب المفوضية تيميرمان، في موضوع البيئة والانتقال الطاقي والبيئي".
غير أنه من حق المغرب أن يتساءل، يضيف جماهري، هل الهدف الذي يحرك البرلمان الأوروبي هو وقف هذه الدينامية وتقليص مداها، ولفائدة من يتم ذلك ؟، معتبرا أن "الشك سيرخي بظلاله على العلاقة الأوروبية المغربية، لا من زاوية الخوف على المغرب، بقدر ما قد يدفع نحو ضرورة تدقيق العلاقة".
"فنحن أمام انفصام سياسي كبير من حق المغرب أن يطرح بخصوصه ما يجب من مواقف"، يسجل الكاتب، مشددا على أنه "لا يمكن التعلل بالفصل بين السلط الأوروبية في هذا الباب: باعتبار أن الحكومة الأوروبية (المفوضية والمجلس) ينبثقان من المؤسسة التشريعية كما هو حال الأمور في كل شيء سياسي في العالم".
ولفت إلى أنه "الواضح أن القرار، بالنسبة للسيادة المغربية، يضع الاتحاد الأوروبي كله رهينة توجهات عدوانية واضحة إن لم نقل سجن نفسه في وضعية عداء لأحسن شريك له"، مضيفا أن المغرب سينتظر ماذا ستفعل رئاسة الاتحاد الأوروبي، التي يطالبها القرار بالتنفيذ وإحالة محتوياته على الطرف المغربي.
واعتبر أن الذين يعرفون البرلمان الأوروبي وقضاياه الداخلية، يعرفون التأثيرات المتبادلة بين مكوناته، والضغط المتبادل بين الفرق البرلمانية، كما يعرفون بأن جزءا من النواب لا يجتهد أبدا في معرفة التقدم الحقوقي في المغرب، وما راكمه من دينامية حقوقية حقيقية وفعلية، في النصوص وفي الممارسة.
وقال إنه يحق للمغرب أن يغضب عندما لا يتم النظر بموضوعية إلى ما قدمه من دلائل على التقدم الحقوقي الذي حصل في العهد الجديد.. ومن حقه أن يغضب لحالة التقت فيها دينامية الشحن والتخويف والراديكالية والعداء للمغرب في توفير شروط إصدار هذا القرار، وما قد يفتح الحق في الشك في حقيقة الإرادة الأوروبية.
وأبرز الكاتب أن المغرب، وهو يسجل التهافت البرلماني الأوروبي، ليس عليه أن يتخوف من طرح القضية الحقوقية، لأنه يثق في إرادته وإرادة عاهله، بل يعتبر أن أي تقدم يحصل في أي جبهة كانت في خدمة القضية الوطنية أهلا به، ولن يكون ذلك أبدا بسبب العوامل الخارجية، بل إن تبييئ الإصلاح هو إرادة سيادية داخلية اختارها المغرب بوعي كبير وعميق.
كما شدد جماهري على أن المغرب "حر في قراراته، ولن تثنيه أي قوة عن مواصلة مساره وتحرره، هذا المغرب الذي يزعج، لا بد أن يضع في حسبانه أن الملف الحقوقي، سيعود دوما إلى الواجهة، سواء في الحديث عن قضية الصحراء أو في الحديث عن قضية الحريات الداخلية، وهو الجبهة التي قرر مناهضوه أن تظل مفتوحة تجمع كل المتناقضات، وعليه تدبير ذلك بسيادة وبما يشغل بال مواطنيه من حقوق وحريات، وبالمسافة التي لا تجعل الأمر موضع مزايدة أو موضع تلبييس".
وحث الكاتب، في السياق ذاته، على ضرورة "تقوية دفاعنا وهجومنا والمرافعة من أجل الإقناع ووضع شركائنا الكبار في حقيقة الوضع، مع احترام الشراكة الديمقراطية التي تربط بين الطرفين، وكي لا تكون قرارات البرلمان الأوروبي حالة تدخل واضحة تعطل الآليات المشتركة بين الاتحاد والمغرب".