تمثل خديجة بوكرين تجربة تشكيلية فريدة ونادرة خارج المتعارف عليه، حيث تستعين بمكونات في منتهي البساطة عبارة عن أزرار وعقيق وأصداف مختلفة الألوان والأحجام وقطع قماش، لإبداع لوحات وتحف فنية في منتهى الروعة والبراعة.
واستعادت هذه الفنانة الأصيلة، الأم والجدة، التي تعود أصولها لضواحي مدينة تاونات، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء ولقناتها الإخبارية M24 بداياتها الأولى وكيفية دخولها الفن من أوسع أبوابه، وأكدت أن فترة جائحة كوفيد -19 التي قضتها إلى جانب حفيداتها شكلت نقطة انطلاقة حقيقية بالنسبة لها، فبينما كانت تشارك حفيداتها في لعبهن وبحوزتهن كيس من العقيق والأزرار، عاد بها الحنين إلى أيام الصبا وتذكرت حكاياتها مع النسج والتطريز فانطلقت في تشكيل لوحاتها وإطلاق العنان لإبداعاتها التي أثارت إعجاب الصغار والكبار.
ومنذ ذلك الحين، بفضل مساعدة أحد أبنائها الذي بات يوفر لها المادة الخام من العقيق والقماش ويحفزها على البذل والعطاء، تستطرد خديجة بوكرين، فُتحت أمامي الأبواب مشرعة لإبراز ملكاتي الإبداعية وأصبحت الأزرار والعقيق والأصداف وقطع القماش ملتصقة بي ولا تفارقني البتة، وأطلقت العنان لمخيلتي لإنجاز لوحات تمتح من ذكريات البادية والخضرة والوادي والآبار والمواشي وكل الأشياء واللحظات الجميلة التي بصمت طفولتي ومراحل مفصلية من حياتي.
تُطوع بوكرين في لوحاتها الأزرار والعقيق والقماش لتسهب، بتفان وإخلاص، في التعبير عن مشاعرها الجياشة وما يخالجها من حنين وشوق للماضي والصبا بكل تجلياته، لتُسعد كل من يطلع على لوحاتها وتسافر به في عوالمها الخاصة للاطلاع على جزء من ماضيها.
في رصيد هذه الفنانة الفريدة من نوعها 58 لوحة فنية في منتهى البراعة والدقة والحرفية، مختلفة الأحجام والتعابير والأشكال، بعضها استغرق إنجازه ما بين أسبوع و 10 ايام، وبعضها أخذ من وقتها بين ثلاثة وأربعة أشهر.
ولتعريف الجمهور الواسع بتجربتها التشكيلية الغنية والانفتاح على عوالم أخرى، شاركت خديجة بوكرين في معرضين فنين الأول بتاريخ 13 يناير 2022 برواق محمد القاسمي بفاس تحت شعار "أمطار من أزرار وعقيق تكتسح سماوات الفن الفطري"، تم خلاله عرض 46 لوحة، وحقق نجاحا لافتا.
بينما سلط المعرض الثاني، الموجه للمكفوفين وضعاف البصر الذي حمل شعار "مسموح اللمس... أطلق لأناملك العنان"، واحتضنه ذات الرواق في 6 يناير من العام الجاري، تخليدا لليوم العالمي للغة برايل، 12 لوحة نافرة قابلة للمس مشكلة من ثوب وأزرار وعقيق، سلطت الضوء على التجربة المهمة والملهمة للفنانة العصامية.
وتوخى هذا الحدث الفني، الفريد من نوعه الذي زارته عدة جمعيات ومؤسسات تعنى بفئة المكفوفين، ونُظم بمبادرة من المديرية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بجهة فاس مكناس (قطاع الثقافة)، وجمعية مغرب الإبداع، تقريب الفن التشكيلي من هذه الفئة وتحفيز ملكاتها ومساعدتها على الاندماج في الحياة الاجتماعية والفنية، حيث فسح لها المجال للتعبير عن تعطشها الكبير للفن والتفاعل مع مختلف اللوحات المعروضة، وتقاسم رؤيتها وشغفها الفني مع الفنانة بوكرين.
طموح الفنانة بوكرين لا يتوقف عند هذا الحد، بل تُمني النفس بأن يصل فنها لمختلف مناطق المغرب ولم لا العالم، كي تكون تجربتها مثالا يحتذى لكثير من الفتيات والنساء.
رسالة الفنانة خديجة بوكرين لكل النساء المغربيات بمناسبة يومهن العالمي أن يتسلحن بالعزيمة ويشحذهن الهمم، ولا يركن أبدا لليأس، فهن قادرات على صنع الكثير من المُنجزات.