1ـ ما التقدم المحرز في عملية تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية؟
تعتبر منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، المندرجة ضمن أجندة 2063، المشروع البارز للاتحاد الإفريقي، والذي نطمح من خلاله إلى تحقيق الإدماج الاقتصادي لإفريقيا وخلق سوق يضم 1,3 مليار مستهلك بناتج محلي إجمالي يبلغ 3.500 مليار دولار أمريكي.
واعتمدت الدول الإفريقية هذا الاتفاق سنة 2018. واليوم، حققت منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية إنجازات هائلة بعد ما يقارب 3 سنوات من تفعيلها وإحداث سكرتاريتها العامة بأكرا (غانا).
كما تم اعتماد العديد من البروتوكولات المتعلقة بتحرير تجارة الممتلكات والخدمات، والمنافسة، والاستثمار وكذا الملكية الثقافية. ولايزال بروتوكولان في طور الاعتماد ، لاسيما المتعلق بالاقتصاد الرقمي، والمتعلق بالنساء والشباب في التجارة.
وفيما يخص المفاوضات حول قواعد المنشأ، فقد أحرزنا تقدما ملحوظا بنسبة 83 في المائة من الخطوط التعريفية المعتمدة. واليوم، يخضع فاعل اقتصادي مغربي راغب بتصدير نشاطه نحو بلد آخر عضو في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية لنفس القواعد المنظمة للمنتوج المعني.
ويتعلق الأمر هنا بتقدم مهم في إطار جهودنا المتعلقة بتنسيق مختلف السياسات المحلية وتفكيك الحواجز التعريفية.
ولا يقتصر عملنا على المفاوضات حول مختلف البروتوكولات لأننا واعون بأن خصائص إفريقيا واقتصادها وتاريخها تفرض علينا التعامل بطريقة استباقية.
كما أن مهمتنا تكمن أيضا في حث القطاع الخاص على الاستفادة من هذا الاتفاق الذي يوفر آليات مبتكرة على غرار نظام الدفع والتسوية لعموم إفريقيا (PAPSS) الذي يعد منصة تمكن الفاعلين من المعاملة التجارية باستخدام العملات المحلية بدل اللجوء لعملة ثالثة.
علاوة على ذلك، أحدثت منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، خلال فبراير الماضي، صندوق التكيف الذي سيمكن الدول من مواجهة خسائر المداخيل الجمركية المحتمل تسجيلها إثر رفع الحواجز التعريفية وتحرير المبادلات.
فضلا عن ذلك، أطلقت السكرتارية العامة السنة الماضية مبادرة التجارة بتوجيه من منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية مع مشاركة ثمان دول، والتي من المفترض أن يصل عددها إلى 29 دولة خلال سنة 2023. ويسرني أن يشكل المغرب طرفا مهما في هذه المبادرة الرامية إلى مواكبة تطبيق كافة أدوات منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية .
2ـ ما هو الدور الذي يضطلع به المغرب في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية؟
يعد المغرب بطبيعة الحال فاعلا محوريا في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية بالنظر إلى اقتصاده. كما أنه يعتبر نموذجا على صعيد القارة السمراء في مجال التنويع الاقتصادي وفاعلا لا محيد عنه في عدد من القطاعات النشطة.
كما أن المغرب منخرط بقوة على مستوى مختلف الهيئات التابعة لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية لاسيما داخل مجلس الوزراء واجتماعات كبار المسؤولين المكلفين بالتجارة.
إن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية بحاجة إلى تجربة المغرب وإلى الالتزام السياسي لكافة الدول الأعضاء من أجل الإدماج الاقتصادي لإفريقيا. وإننا نطالب أيضا أن يكون القطاع الخاص قادرا على الانخراط في هذا الإطار، وتحديد الفرص وخصوصا استغلالها. وتعرب السكرتارية العامة لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية عن استعدادها التام لمواكبة هذه المقاولات.
3ـ كيف يمكن للمغرب أن يستفيد من انضمامه لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية؟
لاحظنا خلال السنوات الأخيرة بأن المغرب يصدر خبراته وصناعاته نحو بقية دول إفريقيا، ولاسيما نحو منطقة جنوب الصحراء الكبرى ، وذلك في مجالات الأبناك، والتأمينات، والصناعات، والبنيات التحتية.
ونحن نثمن التأثير الذي يمارسه المغرب حينما يتعلق الأمر بتقاسم خبراته وتجاربه مع دول القارة. وهذا ما نحن بأمس الحاجة إليه اليوم خاصة في ظل سياق عالمي معقد يتسم بالاضطراب على مستوى سلاسل التوريد.
وينبغي لإفريقيا أن تتخلص من اعتمادها على أوروبا وأن تغير نماذجها في مجال العلاقات الاقتصادية والتجارية. إن بلدان من قبيل المغرب، والتي تمكنت من فرض نفسها في مجالات الصناعة، والسيارات، والتي استطاعت تطوير سلاسل القيم في قطاعات جديدة، لا يمكنها طبعا إلا الاستفادة تماما من منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.