فمن خلال روايتي "Évocation d’un mémorial à Venise" للكاتب المغربي، خالد اليملاحي، و"Mur Méditerranée" للروائي الهايتي، لوي فيليب دالومبير، كان جمهور المهرجان على موعد مع عملين أدبيين يرصدان الطريق الشائكة التي يخوضها المهاجرون مخاطرين بحياتهم في عرض البحر لبلوغ الضفة الأخرى من المتوسط سعيا وراء مستقبل يعتقدون أنه سيكون أكثر إشراقا لكنه لا يكون بالضرورة كذلك.
تلك كانت حالة بطل رواية خالد اليملاحي التي تعرض لقصة واقعية لشاب غامبي يدعى باتي سابالي قضى انتحارا في إيطاليا حين قرر ذات يوم من سنة 2017 أن يلقي بنفسه في قناة مدينة البندقية، ويضع حدا لحياته بعدم ا استبد به اليأس.
يقول اليملاحي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش هذا اللقاء، إن هذه الحادثة بالقدر الذي أثارت حزنه على المآل التراجيدي للشاب الغامبي، فإنها جعلته يفكر في الطريقة التي يمكن أن يسهم بها في التنديد بما يقع للمهاجرين غير النظاميين في أوروبا، والذي تجسد حادث الانتحار غرقا واحدا من تجلياته.
وأوضح اليملاحي أنه لم يجد بدا من الكتابة لتحقيق هذا الهدف، حيث جعل من روايته هذه أداة لتكريم روح الشاب ساباتي، وصرخة تنديد بما يعانيه الكثير من المهاجرين الأفارقة في الغرب من إهدار لكرامتهم وإنسانيتهم.
ويضيف اليملاحي الذي بلغت روايته هذه القائمة النهائية ل"جائزة القارات الخمس للفرنكوفونية 2024" التي تمنحها المنظمة الدولية للفرنكوفونية، أن هذا العمل الأدبي يسعى أيضا ليكون بمثابة نصب تذكاري لهذا الشاب من جهة، ويبرز ضرورة إرساء حوار بين ضفتي المتوسط من جهة ثانية، وذلك من خلال تجاوز منطق التعامل مع المهاجرين كأرقام، وإنما كحيوات ومسارات إنسانية يتعين احترامها.
بدورها، تستعرض رواية الكاتب الهايتي لوي فيليب دالومبير "Mur Méditerranée" مسار ثلاث نساء من بلدين إفريقيين ومن بلد آخر بالشرق الأوسط، يعتنقن ديانات مختلفة، وجمعهن القدر في ليبيا التي ينطلقن من سواحلها في رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر في مسعاهن إلى الالتحاق بجزيرة لامبيدوزا في الضفة الأخرى من العالم، وكل واحدة منهن فرت من بلادها لسبب من الأسباب.
يقول دالومبير إنه يسعى من خلال هذا العمل إلى التأكيد على أن حكاية الاتجار بالعبيد ما زالت مستمر بشكل من الأشكال في وقتنا الحاضر. ويضيف أنه سواء تعلق الأمر بالفرار من الدكتاتورية أو من الحرب الأهلية أو من تداعيات التغير المناخي، فإن الرسالة العامة لروايته تتمحور حول الكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة في معركة متواصلة من أجل الكرامة الإنسانية.
ويضيف الكاتب الهايتي أن القارب الذي جمع بطلات روايته إلى جانب مهاجرين آخرين غير نظاميين يحيل على أن "معركتنا هذه، هي معركة مشتركة رغم اختلاف خلفياتنا ودياناتنا"، تماما مثلما يحيل على "واجبنا في حماية هذا القارب الذي يجمعنا. فإذا أحدث به أحد شرخا فإننا سنغرق جميعا".
وخلص المتحدث إلى أن الكتابة عن هذه القضايا تمثل إسهاما في المعركة من أجل الكرامة الإنسانية، مؤكدا أن "هذه طريقتي في تقديم حجر صغير في صرح تحسين الشرط الإنساني".
ويروم مهرجان مراكش للكتاب الإفريقي، الذي تنظمه جمعية "نحن فن إفريقيا" (We Art africains ) إلى غاية 11 فبراير الجاري، الاحتفاء بالأدب والثقافة الإفريقيين، حيث بإمكان الجمهور من مختلف الأعمار المشاركة في فعاليات المهرجان والولوج بالمجان إلى جميع المواقع المحتضنة لأنشطته، من أجل تقريب الثقافة والفن من المشاركين.
وتتخلل هذه التظاهرة، التي تتيح للكتاب والجمهور الفرصة للالتقاء في أشكال ولقاءات يومية مختلفة، عروض موسيقية وقراءات وشعر. كما تركز برمجة الدورة على المستجدات العلمية والأدبية لإفريقيا، وتخصص حيزا مهما لإعادة تنشيط وتعزيز الذاكرة والروابط التي توحد بين جميع الأفارقة أينما كانوا.
ويشهد المهرجان هذه السنة، حضور العديد من الأسماء الكبيرة في الأدب الإفريقي مثل خوسيه إدواردو أغوالوسا (أنغولا)، وليلى باحساين (المغرب)، وسليمان بشير دياني (السنغال)، وعلي بن مخلوف (المغرب)، وصوفي بيسيس (تونس)، وسهام بوهلال (المغرب)، وبوم هملي (الكاميرون)، وياسمين الشامي (المغرب)، وتحفة محتاري (جزر القمر)، وفانتا درامي (موريتانيا)، وويلفريد نسوندي (جمهورية الكونغو)، وسعد خياري (الجزائر)، وميا كوتو (موزمبيق).