تزاوج بمهارة بين هذا النجاح وبين شغف عميق بالعمل المجتمعي، مما يجعلها مدافعة شغوفة وعينا ساهرة على توفير الولوج إلى الرعاية المتعلقة بالأمراض النادرة في المغرب.
طاقتها التي تختزن الكثير من العطاء وقيادتها التي تعبر عن تفانيها والتزامها غير المشروط، تدل على عزيمتها وإصرارها على التأثير بشكل إيجابي على حياة من حولها، متجاوزة دورها كطبيبة لتصبح قوة دافعة في خدمة الصحة العامة.
ومن خلال التزامها بعلاج أمراض المناعة الذاتية النادرة، تبرز السيدة موسيار كرائدة في المجال الطبي، حيث يتجاوز التزامها الممارسة السريرية اليومية، ليمتد إلى التوعية والبحث.
تتميز الدكتورة موسيار بخبرتها في أحد التخصصات الطبية التي رغم قدمها، تختزن أهمية معاصرة. فالطب الباطني، الذي تمارسه بشغف، ظهر في نهاية القرن التاسع عشر، ويمثل اليوم المسار الثالث للممارسة الطبية إلى جانب تخصصات الأعضاء والطب العام.
وبصفتها أخصائية في الطب الباطني، فإن مجال عمل السيدة موسيار واسع ومتعدد التخصصات. فهي تمتاز في تشخيص الأمراض المعقدة، وتتميز باتباع مقاربة شاملة تعتمد على دراسة مستعرضة لجميع الأعضاء والأمراض المرتبطة بها. وتمكن هذه الطريقة، التي غالبا ما تكون وقائية، من تجنب مخاطر النهج الأحادي العضوي.
وأشارت السيدة موسيار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن خصوصية الطب الباطني تكمن في الاهتمام بالأمراض التي تصيب عدة أعضاء (الأمراض الجهازية)، واضطرابات جهاز المناعة، بالإضافة إلى الأمراض النادرة، مبرزة أن التزامها في هذا المجال يجسد رغبتها في البحث ورفع التحديات الطبية الأكثر تعقيدا، لتقديم أمل متجدد لمرضاها.
وأبرزت أنه "منذ سنة 2010، أشتغل ضمن جمعية قمت بتأسيسها، حول أمراض المناعة الذاتية، وهي مجموعة من الأمراض التي يهاجم فيها الجهاز المناعي خلايا وأعضاء الجسم السليمة".
وأضافت أن "التزامي وانخراطي بلغ ذروته في اليوم الخامس حول المناعة الذاتية، حيث كان الموضوع يتمحور حول الأمراض النادرة وأمراض المناعة الذاتية. وبهذه المناسبة تم تسليط الضوء على التحديات المتعددة التي يواجهها أولئك الذين يتعايشون مع هذه الظروف، بما في ذلك صعوبة التشخيص، والعزلة النفسية، وصعوبات الولوج إلى الرعاية، وفقدان وظائف أعضاء حيوية، والآثار الجسدية أو العقلية الناجمة عن ذلك. هذا الوعي بهذه الصعوبات والتحديات ألهمني لتصور فكرة إنشاء تحالف الأمراض النادرة بالمغرب".
في الواقع، تقول الدكتورة موسيار، تشكل هذه الأمراض صعوبات كبيرة للمرضى وعائلاتهم وللجهاز الطبي، موضحة أن الصعوبة الأولى تكمن في حقيقة أنها كثيرة جدا، حيث تم تحديد أكثر من 8000 مرض نادر، لذلك لا يستطيع أي طبيب الإلمام بها كلها.
وأضافت: "يؤدي هذا إلى صعوبة في التشخيص قبل تحديد الحالة المرضية، والذي قد يستمر أحيانا عدة سنوات أو مدى الحياة"، وينضاف إلى ذلك صعوبة الولوج إلى الرعاية، نظرا لعدم توفر العديد من الأدوية في المغرب.
ومن بين الإجراءات الاستعجالية التي توصي بها السيدة موسيار، تعميم فحص الأطفال حديثي الولادة الذي يحتل مكانة محورية، والذي من شأنه أن يساعد في الوقاية من الإعاقة الذهنية الناتجة عن قصور الغدة الدرقية الخلقي والفينيلكيتونوريا، وهي حالات يمكن علاجها بتكلفة غير مرتفعة. كما أن التحسيس بمخاطر زواج الأقارب يعد من الأولويات للحد من الإصابة بالأمراض النادرة.
كما شددت السيدة موسيار على ضرورة إنشاء مراكز متخصصة لكل مرض نادر، وهو مشروع طموح يتطلب التزاما طويل المدى، مبرزة أن تشجيع الأطباء على التخصص في مرض أو مجموعة من الأمراض يشكل خطوة أولى نحو إنشاء هذه المراكز.
وهكذا، تعتبر السيدة موسيار قوة فاعلة ليس فقط في الممارسة الطبية، ولكن أيضا في تغيير المشهد الصحي في المغرب، حيث تعمل من أجل مستقبل أفضل للمصابين بالأمراض النادرة.