اختارت الأستاذة ليلى أن تكون صوتا للمرأة المغربية المعاصرة يتردد صداه في أرجاء "عاصمة القرار" العالمي وفي مختلف المحافل الدولية، وسيلتها في ذلك مزيج تتكامل في إطاره آليات العمل القانوني وأدوات تحقيق تنمية "لا يتخلف فيها أحد عن الركب".
هذا الشغف بالتمكين القانوني للنساء بدأ في سن مبكرة بحكم الانفتاح على ثقافات العالم، كما توضح ليلى في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، مستحضرة، على الخصوص، فترة عمل والدها في مدغشقر ضمن هيئة الأمم المتحدة.
"كنت أعلم دائما أنني أريد مزاولة مهنة في مجال القانون الدولي والتنمية"، مبرزة أن إقامتها بالعاصمة الأمريكية منذ صغرها مكنتها أيضا من الولوج إلى منبر دولي بامتياز ساعدها في الترافع من أجل جعل التمكين القانوني للمرأة في صلب أجندة التنمية الدولية متعددة الأبعاد.
بصفتها محامية في مجال التنمية الدولية، يرتكز عمل ليلى، إلى جانب البلدان والحكومات، على تحقيق سيادة القانون وإصلاح العدالة، عبر توظيف مجموعة من الأطر الدولية، وعلى رأسها أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
هي برأيها "الصورة الأشمل" التي تتجاوز حدود العمل الوظيفي المعتاد من أجل تحقيق أهداف أسمى، وتتيح ملاءمة المعايير الدولية لتنزيل الأهداف الإنمائية مع الخصوصيات الوطنية.
"شغفي في الحياة هو أن أساهم في جعل قضايا التمكين القانوني في صلب جدول أعمال التنمية". تساهم هذه المقاربة، برأي الخبيرة، في التشجيع على تصور التنمية انطلاقا من منظور حقوقي.
يدمج المسار المهني والإنساني لهذه الخبيرة مزيجا غنيا بين تجارب دولية متعددة تمكنها من المساهمة في تطوير مجال العمل القانوني، لاسيما ريادة المرأة ومشاركتها الفعالة في مجال العدالة.
تؤمن ليلى، التي فازت بجائزة صندوق الابتكار لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابع للبنك الدولي مكنتها قيادة مبادرة التمكين القانوني للنساء الشابات في المغرب، بأن العدالة يجب أن ترتكز على خدمات عادلة وشفافة وفعالة وغير تمييزية وخاضعة للمساءلة، "حتى لا يتخلف أحد عن الركب"، أما التنمية الدولية، فتعد مرادفا لتقدم يشكل الأفراد جوهره.
وتطمح هذه الأستاذة إلى أن تكون أحد أصوات المرأة المغربية المعاصرة في الخارج، "أن أكون استمرارية للمرأة المغربية الشجاعة التي يعتز بها وطنها والتي أعجبت بها خلال نشأتي" توضح المتحدثة، وهي التي تدين بالفضل لوالدتها، القدوة ومصدر الإلهام. "علمتني أن لا أختلق الأعذار بشأن نوعي الاجتماعي أو مسؤولياتي الأسرية"، تضيف ليلى، مؤكدة أن تشجيع والدتها كان حافزها من أجل تحقيق التميز الأكاديمي والمهني.
وتشدد على أن تمكين المرأة المغربية من توظيف إمكاناتها يعد السبيل نحو تحقيق التحول الاجتماعي المنشود، مؤكدة أن الخطاب التمكيني للنساء والفتيات يضطلع بدور هام في بلورة رؤية مجتمعية إيجابية، مما يستلزم توفير بيئة تمكينية داعمة للمرأة المغربية.
حين اختارت ليلى ولوج مهنة المحاماة، كانت الرغبة تحذوها في توظيف المهارات القانونية خارج نطاق مكتب المحاماة وردهات المحاكم. تأتى لها ذلك من خلال دراسات دكتوراه في القانون الدولي. والهدف: المساهمة في سيادة عدالة تروم تعزيز التنمية المستدامة، من أجل مجتمعات دامجة ومرنة.
في سنة 2022، أشرفت ليلى على إطلاق شبكة قانونية مغاربية للمحاميات، بهدف دعم الممارسات الناشئة لتيسير الولوج لمختلف مجالات العدالة.
وبصفتها أستاذة مساعدة للقانون بكلية الحقوق بجامعة جورج واشنطن، تعتز ليلى بإسهامها في تطوير العمل الأكاديمي في المجال القانوني بوطنها الأم، لا سيما من خلال الدورات التكوينية التي تشرف على تأطيرها.
ولئن كانت الولايات المتحدة تمثل بالنسبة لها، أرضا للفرص والآفاق الدولية في مجال التعليم، إلا أن شعور الانتماء إلى الوطن الأم لا يبرحها، إذ تفتقد نمط العيش المتأسس على قيم تشكل جوهر المجتمع المغربي، لا سيما الأسس الدينية. فالقيم الأسرية التي تشبعت ليلى بمبادئها في الطفولة، تشكل بالنسبة لها نبراسا تقتدي به في تربيتها لطفليها.
"تعزيز المجتمعات السلمية والشاملة من أجل التنمية المستدامة" و"تحقيق المساواة بين الجنسين"، هما من بين أهداف الأجندة الأممية للتنمية المستدامة، وبالنسبة لليلى، فإنهما يشكلان منبرا للترافع، يمكنها من تسخير كفاءاتها في حقل الممارسات القانونية لجعل قضايا التمكين في صلب أجندة التنمية، استشرافا لمستقبل أفضل.