وركزت الجلسة، التي انعقدت في إطار أشغال ندوة-مناقشة نظمها مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد حول موضوع "الرهانات الاستراتيجية للمجالات البحرية ببلدان إفريقيا الأطلسية"، على الرهانات الأمنية المتصلة بالفضاءات البحرية بإفريقيا الأطلسية وبسط رسم خرائطي للمخاطر والتهديدات بالمنطقة، مع تحديد الوسائل للتصدي لهذه التهديدات.
وأكد العميد بالبحرية الملكية، خالد لوديي، أن مأسسة شراكة إفريقية أطلسية، كتكريس لرؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ستمكن من تعزيز أكثر للتعاون بالمنطقة الأفرو - أطلسية من أجل تحقيق الازدهار المشترك.
وأوضح أن أمن وأمان إفريقيا الأطلسية رهينان أولا بالالتزام الراسخ للبلدان، من خلال نصوص قانونية مواتية ومتناغمة وعبر التعاون والتكامل الإقليمي اللذين سيمكنان من إحداث الالتقائية، وعقلنة استعمال الوسائل وفتح آفاق إنجاز مشاريع إقليمية بناءة في مجالي الأمن والأمان البحري.
وأفاد، في هذا الاتجاه، بأن المجال البحري لإفريقيا الأطلسية يضم 23 بلدا ويمتد لأكثر من 12 ألف كلم، مبرزا أن هذا المجال الممتد يحتضن أحد أكثر الطرق البحرية استخداما وحركية بالعالم مما يضفي عليه بعدا استراتيجيا.
وتابع أن هذا المجال يختزن فرصا شتى وموارد متعددة، حيث سيسهم الاستغلال الحصيف والمواتي بشكل كبير في تحقيق التنمية لهذه 23 بلدا ولعموم القارة الإفريقية.
وكشف السيد لوديي أن "مستقبل البلدان الإفريقية يتصل بشكل وثيق بالمجال البحري، كما أن حمايته حاسمة وتشكل الأساس الذي لا محيد عنه لتحقيق الاستقرار والأمن المستدام بهذه البلدان".
وبخصوص المخاطر والتهديدات التي تخيم على المنطقة، عدّدها في الإرهاب البحري، والقرصنة، والجريمة المنظمة، والهجرة غير الشرعية، والاتجار في المخدرات، والصيد غير المصرح به وغير المشروع وتلوث البحار.
وإدراكا منها بجملة هذه المخاطر، يقول السيد لوديي، أرست المملكة آلية أمنية للتدخل البحري تدمج عدة فاعلين عسكريين ومدنيين وتتأسس على استراتيجية شاملة تنبني على ثلاثة مبادئ، هي الوقاية، والتنسيق ومعرفة الوسط البحري.
كما أبرز التقدم الذي أحرزته المملكة في ما يخص تأمين المجالات البحرية، والمتصل بشكل كبير بالوقع المشترك لاستراتيجية وطنية ملتزمة وتعاون ديناميكي وفعال بين مختلف المتدخلين.
من جهته، أشار عبد الحق باسو، باحث بارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، إلى أن الفضاء الأطلسي الإفريقي يشكل منطقة سلام تعرف مستوى من التعاون دون المستوى المنشود، ومن هنا تأتي وجاهة وأهمية المبادرة الملكية الأطلسية، والتي من شأنها تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.
ومن أجل ذلك فإن التحدي يبرز على مستويين، الأول يتمثل في الحفاظ على الأمن في المنطقة، والثاني في تعزيز التعاون بين دول الساحل، لا سيما في سياق تعدد التهديدات.
وأبرز، في هذا السياق، مسألة الاتجار في المخدرات، والصيد غير المشروع، والاتجار بالأسلحة، وشبكات الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى تهديدات التطرف العنيف.
كما أشار، في هذا الصدد، إلى أن المبادرة التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ستمكن من انفتاح هذه البلدان وتنميتها وتمكينها من وضع حد لانتشار الإرهاب، من خلال خلق فضاء مستقر ومزدهر في إطار التكامل والشمول الاقتصادي.
من جانبها، توقفت الخبيرة في علوم المحيطات، الأستاذة نعيمة حمومي، عند المخاطر الطبيعية التي تهدد الواجهة الأطلسية الأفريقية، ومنها البراكين والزلازل والبراكين الطينية المرتبطة بهيدرات الغاز والمخاطر الطبيعية الكبرى ذات الصلة بالظروف المناخية، مثل ارتفاع منسوب مياه البحر الناتج عن الاحتباس الحراري.
وأوضحت أن المبادرة الأطلسية تشكل رافعة استراتيجية لتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأوصت، في هذا السياق، بدمج مكون أساسي يتعلق بتطوير المعرفة حول المحيطات ودعم القدرات، عبر إقامة شراكات بين الكليات ومراكز البحوث لتعزيز البحث والتنمية، بالإضافة إلى تعبئة الموارد اللازمة لتحقيق هذا الغرض.
ويتعين أيضا، تضيف السيدة حمومي، اغتنام جميع الفرص التي تتيحها اتفاقية حقوق البحار، واعتماد سياسات عامة مشتركة، ووضع برامج بحثية دامجة لجميع التخصصات المرتبطة بالبحار.
وشددت على أهمية رسم خرائط لمناطق المخاطر وضمان تدبير متعدد التخصصات للساحل، مع تحسيس العموم.
ويلتئم حول هذا المؤتمر مجموعة من الخبراء والباحثين والممارسين المغاربة من تخصصات مختلفة من أجل تعزيز تحليل معمق ودقيق للتحديات والمخاطر والفرص المتاحة في المجالات البحرية ببلدان أفريقيا الأطلسية.
وتتوزع أشغال هذه الندوة على أربع جلسات تركز على الرهانات الجيوسياسية في مجال اندماج المنطقة وتنافسية القوى في فضاء إفريقيا الأطلسية، والرهانات القانونية من قبيل القوانين البحرية، والرهانات الأمنية، خاصة تلك المرتبطة بالمحافظة على الرأسمال البحري الإفريقي، بالإضافة إلى الرهانات الجيو-اقتصادية في ضوء المشاريع المهيكلة من أجل ازدهار الاقتصاديات الإفريقية.