ويهدف المؤتمر، المنظم على مدى يومين بالتعاون مع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، إلى تقديم تحليل شامل للاضطرابات المحلية والدولية التي تؤثر على السعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الدول العربية وتحديد الإصلاحات الحاسمة اللازمة لمواجهة هذه التحديات.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد الرئيس التنفيذي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، كريم العيناوي، على أهمية التعاون البحثي حول أهم القضايا الاستراتيجية والإشكاليات المطروحة على الدول، مشيرا إلى أن المؤتمر يشكل أرضية هامة للتعاون لما فيه صالح السياسات الاقتصادية للبلدان العربية.
وأبرز السيد العيناوي أن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد يستثمر في العلاقات طويلة الأمد ويتعاون، على الخصوص، مع الجامعات والهيئات الحكومية لنقل معارف مجموعات التفكير التي تحترم المنهجية العلمية المستندة، بالأساس، على العقلانية، معتبرا أن مساهمة الأكاديميين والخبراء مهمة جدا بالنسبة لصناع القرار.
كما سجل أن المؤتمر يعد مناسبة لمناقشة قضايا تهم الطاقة والمناخ، وكذا الإشكالات المتعلقة بالديموغرافيا التي تواجهها الدول العربية والدول المتقدمة، باعتبار أن الديمغرافيا من العوامل المؤثرة على النمو.
واستعرض السيد العيناوي أهم القضايا التي يناقشها المؤتمر، ضمنها تفاقم المديونية في المنطقة العربية والعالم، ومدى مشاركة النساء في سوق العمل، ونماذج النمو والعوامل المرتبطة بالسياسات الاقتصادية المتقدمة والترويج للانتقال الصديق للبيئة، ومسألة العودة إلى السياسات الاقتصادية الكلية والخدمات التي تقدمها الدولة للمجتمع على المستوى الصحي والاجتماعي، من أجل حماية المواطنين ومساعدتهم.
من جهته، أبرز المدير العام للمعهد العربي للتخطيط، عبد الله فهد الشامي، أن البيانات تشكل عنصرا أساسيا في تقديم تحليل مستفيض حول العديد من القضايا المرتبطة بالنمو، وتساعد على إدارة المشهد الاقتصادي وتقديم حلول للتحديات المطروحة.
وشدد على أن المؤتمر فرصة سانحة لتلاقي الخبراء في العديد من المجالات الاقتصادية والسياسية والتخطيط والعلاقات الاجتماعية، معتبرا أن من شأن التعاون وتبادل الخبرات بين الكفاءات العربية تقديم مساهمة هامة للحكومات وصناع القرار العرب.
وأكد السيد الشامي أن مؤسسات التفكير العربية تضم خبراء من مستوى عال هم "لبنة كبرى لتحقيق التنسيق بين المؤسسات العربية التي تتوفر على طاقات متنوعة ينبغي منحها الفرصة لتقديم ما لديها من تجارب في شتى الميادين".
من جانبه، نوه الأمين العام للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، أشرف العربي، بتنظيم المؤتمر في المغرب، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يشتمل على برنامج متنوع على مستوى جلسات العمل والأوراق البحثية التي سيتم تقديمها، بالإضافة إلى مشاركة متحدثين ذوي خبرة هامة.
وأبرز أن هناك شعورا بالقلق إزاء مستقبل الاقتصاديات العربية، خاصة مع وجود المربكات المفروضة على المنطقة العربية والأزمات المتلاحقة والإصلاحات التي تطالب بها الأجيال المتعاقبة، معبرا عن حرص جمعيته على توسيع مجالات التعاون العلمي بين البلدان العربية وتكثيفه.
وأضاف السيد العربي، وهو أيضا المنسق العام للمؤتمر ال18 للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، أن اللقاء يطرح عدة أوراق علمية للنقاش، مسجلا أن التنسيق العلمي والبحثي بين المؤسسات العربية يعكس الحالة العامة للتعاون بينها.
وبالمناسبة، قدم رئيس الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، محمود محي الدين، عرضا محوريا ناقش موضوع "في أثر المربكات والتغيرات المتلاحقة على الاقتصادات العربية"، أشار خلاله إلى أن هناك مؤشرات لتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وذلك رغم التعافي المحدود للاقتصادات الناشئة.
وأوضح أن معدلات النمو، مع وجود استثناءات، لا تسمح بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأن المنطقة العربية تعرف ارتفاعا في معدل التضخم نظرا للمشاكل الهيكلية التي تعاني منها.
كما سجل في هذا الصدد، أن المنطقة العربية أكثر عرضة للتداعيات الاقتصادية للتوترات الجيوسياسية رغم أن الصدمات تظل نفسها بالنسبة لدول العالم، على غرار التأثير السلبي للحرب الروسية الأوكرانية على الدول العربية. كما توقف عند أهم المربكات التي تمس هذه المنطقة، من بينها التغير المناخي، والجوائح، والتطور المتسارع لأنظمة الذكاء الاصطناعي، ومسألة الاستدامة.
وتتمحور مناقشات المؤتمر حول أربعة محاور تهم "تطور وتقلب المشهد الاقتصادي الدولي وانعكاساته على النمو الاقتصادي الشامل في الدول العربية"، و"توقعات حول تأثير ظهور نظام مالي عالمي جديد، مع الأخذ في الاعتبار الاضطرابات التي تشكلها التكتلات الاقتصادية الحالية والمحتملة، على اقتصاديات الدول العربية"، و"دور التقدم التكنولوجي في تعزيز النمو الاقتصادي الشامل في الدول العربية"، و"الأطر السياسية لتحديد الأولويات وتعزيز قدرة الاقتصادات العربية على مواجهة الصدمات الخارجية وضمان التعافي السريع: الإصلاحات المنشودة".