ويأتي هذا اللقاء الذي تنظمه الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة التابعة لأكاديمية المملكة المغربية، اعتبارا لما يمثله مشروع كتابة تاريخ الترجمة بالمغرب من أهمية في فهم تطور الفكر المغربي وأثره في تشكيل الهوية الثقافية الوطنية.
كما يهدف هذا اليوم الدراسي إلى إبراز الدور الجوهري الذي اضطلعت به الترجمة في نقل المعارف وبلورة نهج فكري متفاعل مع التيارات الثقافية، وبيان إسهام الترجمة في إغناء الفكر المغربي ومنحه بعدا متفردا في تقبّل وإنتاج المعارف.
وبحسب المنظمين، فإن موضوع هذا اليوم الدراسي يعتبر أساسيا من أجل فهم ديناميات التفاعل الثقافي في تاريخ المغرب، على اعتبار أن الترجمة كانت عبر العصور وسيلة محورية لاستيعاب المعارف الوافدة وتوطينها، بما يخدم احتياجات المجتمع المغربي وهويته الثقافية.
وقال منسق الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة، عبد الفتاح الحجمري، في كلمة بالمناسبة، إن هذا اليوم الدراسي الذي تفتتح به الهيئة الموسم الأكاديمي الحالي، يروم الإسهام في توثيق الترجمات التي أثرت في مسار الحركات الفكرية بالمغرب، باعتبار الترجمة أصحبت عنصرا جوهريا في تطوير التعليم والعلوم والفكر.
وأبرز الحجمري أن الترجمة تضطلع بدور بارز في إعادة صياغة البنى الفكرية بالمجتمع المغربي من خلال مواءمة الأفكار الوافدة مع خصوصياته الثقافية، مبرزا أن المشروع الذي فتحته الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة يتجاوز في المقابل حدود توثيق هذه الترجمات ليقدم تحليلا نقديا حول أثرها المستقبلي.
وأشار في هذا الصدد إلى أنه من خلال هذا العمل التوثيقي والنقدي في آن، يمكن استشراف آفاق جديدة بما يكفل مواجهة التحديات الراهنة في مجال نشرا المعرفة و البحث العلم، والعمل بالتالي على بناء استراتيجيات شاملة لتطوير الممارسة الترجمية بالمملكة.
وخلص المتحدث إلى أن الهيئة الأكاديمية العليا تطمح من خلال هذا المشروع إلى فتح آفاق جديدة للبحث في هذا المجال الحيوي، مبرزا أن الطروحات العلمية المقدمة خلال هذا اليوم الدراسي ستسهم في إثراء النقاش حول تحسين ممارسات الترجمة وتعزيز الوعي بأهميتها باعتبارها وسيلة لتعميق التفاهم بين الثقافات وتوسيع المدارك المعرفية للمجتمع.
وتتناول المداخلات المبرمجة في هذا اليوم الدراسي مجموعة من المواضيع التي تستعرض تاريخ الترجمة ومساراتها في المغرب منذ عام 1912 إلى اليوم، معززة بإحصائيات ودراسات تحليلية تتناول تمثلات الهوية الثقافية. كما تبرز المداخلات المبرمجة في هذا الإطار "نماذج مشرقة" من الترجمات الأدبية والثقافية التي أسهمت في إثراء المشهد الثقافي المغربي والعربي.
يذكر أن الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة جهاز تابع لأكاديمية المملكة المغربية، يضطلع بمهمة تشجيع أعمال الترجمة بالمغرب وخارجه بين اللغة العربية أو اللغة الأمازيغية واللغات العالمية الأخرى.
ولهذا الغرض، تضطلع الهيئة على الخصوص بالقيام بأعمال ترجمة المؤلفات والدراسات والأبحاث العلمية المرجعية الأصيلة في مختلف مجالات العلوم والفكر والثقافة والتراث والحضارة، وتشجيع البحث العلمي في قضايا علم الترجمة وتطبيقاته، والعمل على تطويره بتنسيق مع الهيئات والمؤسسات العلمية المختصة سواء الدولية منها أو الأجنبية أو الوطنية.