وفي كلمة بين يدي جلالة الملك أكد السيد شكيب بنموسى أن سنة 2011 تميزت بتقلبات دولية وإقليمية قل نظيرها ٬ وأن المغرب ٬في هذا المناخ وتحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك ٬ تميز بقدرته على ابتكار نهجه الخاص في إرساء ديمقراطية اجتماعية وتشاركية وإدماجية على نحو سلمي وتشاوري٬ لاسيما وأن الدستور الجديد كرس الإصلاحات التي بوشرت خلال العشرية الأخيرة والتي تهيئ لمغرب الغد.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي٬ يضيف السيد بنموسى ٬ فإن المجلس الاقتصادي والاجتماعي ٬ إذ يعتبر أن المغرب يتوفر على مقومات حقيقية٬ فإنه يثير الانتباه إلى أن المملكة تواجه هشاشة اقتصادية ومالية متنامية وتحديات اجتماعية ملحة في ظل مناخ يتميز بأزمة عالمية.
وأوضح أنه على المستوى الاقتصادي٬ وبالرغم من احتدام الأزمة في منطقة الأورو٬ فإن النمو تواصل نسبيا سنة 2011٬ كما أن التضخم ظل متحكما فيه٬ أما المحافظة على القدرة الشرائية٬ فقد تم تحقيقها من خلال دعم أثمنة المواد الأساسية والمحروقات٬ وكذا بفعل تدابير اجتماعية٬ رغما عن الارتفاع المهول الذي شهدته هذه الأثمنة خلال سنة 2011 ٬ مبرزا أن هذه التدابير الظرفية ساهمت في الحفاظ على السلم الاجتماعي رغم ما كان لها من أثر على عجز الميزانية الذي بلغ مستوى بات من الصعب تحمله على المدى الطويل.
وأكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن الارتفاع غير المسبوق لنفقات صندوق المقاصة والاستهداف غير الكافي لهذه النفقات٬ يوضح مدى محدودية هذا النموذج على مستوى الإنصاف الاجتماعي والنجاعة الاقتصادية.
وموازاة مع ذلك٬ يقول السيد بنموسى ٬ فإن تفاقم العجز التجاري يفرض بإلحاح ضرورة تطوير وإنعاش الصادرات من خلال التثمين الأمثل للاستراتيجيات القطاعية٬ وكذا العمل على ضبط المبادلات وتسهيل المساطر وتنويع العلاقات التجارية وبلورة إطار قانوني جديد لنظام الحماية التجارية.
ويرى المجلس ٬ في هذا الإطار٬ أن الحل البنيوي يكمن في جعل التنافسية محورا أساسيا للسياسات العمومية ويدعو إلى ضرورة إعطاء الأولوية للقطاع الصناعي الذي يشكل الإطار الأمثل للابتكار والحفاظ على الشغل من خلال رفع كل القيود التي تحول دون تنميته.
كما شدد على ضرورة القيام بعملية موجهة لتشجيع إنتاج واستهلاك المواد المغربية بتشاور بين الفاعلين العموميين والخواص المعنيين ٬وذلك على غرار ما هو معمول به في العديد من الدول ٬ مبرزا أن الجهود المبذولة لتقوية تنافسية الاقتصاد لا يمكنها أن تعطي النتائج المتوخاة منها دون تحديث العلاقات المهنية داخل المقاولة.
ودعا تقرير المجلس إلى مأسسة الحوار الاجتماعي وإنعاش المفاوضات والاتفاقيات الجماعية وكذا تحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق الدستوري للإضراب٬ علاوة على تشجيع المقاولات على إرساء نظام الإشهاد في مجال المسؤولية الاجتماعية٬ وذلك بهدف الوصول إلى إبرام تعاقد اجتماعي كبير ٬ كما أوصى بذلك جلالة الملك بمناسبة تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وفي ما يتعلق بالتنمية البشرية٬ أشار السيد بنموسى إلى أن السياسات المتبعة كان لها وقع إيجابي على المؤشرات الأساسية غير أن حجم العجز الاجتماعي وبطء وتيرة احتوائه٬ من شأنهما أن يؤثرا على التماسك الاجتماعي ٬ مسجلا أن المجلس يعتبر أن المملكة تخصص موارد هامة وتبذل جهودا جمة لكن التقدم الحاصل يبقى دون انتظارات السكان.
وقال إن استمرار البطالة٬ خاصة في أوساط الشباب٬ والولوج غير المعمم للخدمات الصحية الأساسية وللحماية الاجتماعية٬ والمردودية والجودة غير الكافية لمنظومة التربية والتكوين٬ تحول جميعها دون استدامة التنمية٬ مما يحتم وضع هذه التحديات في قلب السياسات العمومية.
ومن منظور المجلس٬ فإن الأهمية التي يوليها صاحب الجلالة للقضايا البيئية خلق دينامية إيجابية من شأنها أن تسهم في تفادي أضرار نهائية تلحق بالموارد الطبيعية محفزة على استعمال عقلاني للموارد المتاحة٬ وذلك بهدف خلق الثروة وفرص الشغل.
وبفعل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي بوشرت خلال العشرية الأخيرة والدفعة التي أتى بها الدستور الجديد٬ فإن المجلس الاقتصادي والاجتماعي يعتبر أن المغرب يتوفر على عدة مقومات٬ إلا أن تجسيدها على أرض الواقع يمر عبر سياسات تقوي قيم المواطنة وتحسن الحكامة ونجاعة التدخل العمومي٬ وتحرص على تحقيق التنافسية العامة للبلاد إلى جانب تحقيق مستوى أعلى من العدالة والتماسك الاجتماعيين.
كما أن المجلس يعتبر أن التقدم في مجال التنمية البشرية رهين بالنهوض بدور المرأة داخل الاقتصاد والمجتمع٬ وبإدماج أمثل للشباب من خلال التربية والتكوين والشغل والثقافة والمشاركة المواطنة.
وأكد السيد بنموسى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي ٬ واستجابة للتحدي الكبير المرتبط باندماج الشباب ٬ أوصى بتعميم المقاربة الشبابية في تصور وبلورة أي سياسة عمومية٬ كما أنه سعى هذه السنة ٬ تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية٬ إلى التموقع كمؤسسة استشارية تمثل غنى وتنوع الحساسيات المتواجدة داخل المجتمع المغربي٬ وإلى أن يصبح فضاء للتشاور ولتعميق الحوار الاجتماعي والمدني وقوة اقتراحية في نطاق اختصاصه.
وخلص إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي واع كل الوعي بأنه لازال في مرحلة التأسيس٬ مما يحدو بكافة أعضائه أن يبقوا مجندين لمواصلة وتطوير عملهم٬ مساهمين بذلك في بناء مغرب مزدهر ومتضامن تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله .