فعلى غرار دول العالم ، فرضت البحرين العديد من التدابير الوقائية للتصدي لانتشار الفريوس، كان لها أثر واضح على الحياة اليومية، وبدت بوادرها الاقتصادية تلوح في الأفق بالنظر للركود الاقتصادي الذي صاحب هذه الجائحة.
وفي هذا الصدد، اتخذت البحرين مجموعة من الإجراءات لمواجهة تداعيات تفشي هذا الفيروس من بينها تأمين المنافذ الحدودية من موانئ ومطارات وحدود برية، ومنع القادمين من الدول الموبوءة من الدخول إلى البلاد وتعليق الرحلات الجوية مع العديد من الدول.
ومن أول القطاعات المتأثرة في البلاد، قطاع السياحة الذي تبلغ مساهمته الاعتيادية في الناتج الاجمالي المحلي غير النفطي 6،9 بالمائة وهي من أعلى النسب المسجلة في دول المنطقة.
وتعتمد السياحة في البحرين بنسبة 88 في المائة على السياح والزوار القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي، ومع الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الدولة والدول المجاورة، فإن مداخيل القطاع ستنخفض بسبب توقف توافد السياح الخليجيين والأجانب.
وكدعم للفاعلين في القطاع، اتخذت المملكة سلسلة تدابير تضمنت بالخصوص إعفاء المنشآت والمرافق السياحية من رسوم السياحة لمدة 3 أشهر ابتداء من أبريل 2020.
ولأن أسواق المال ليست بمنأى عن تداعيات انتشار الفيروس ، سجلت بورصة البحرين خلال معاملات اليومين الماضيين تراجعا كبيرا متأثرة بالهبوط الحاد لقطاعى البنوك التجارية والاستثمار.
وقام مصرف البحرين المركزي بخفض سعر الفائدة الأساسي على ودائع الأسبوع الواحد من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة. كما خفض سعر الفائدة على ودائع الليلة الواحدة من 1.50 في المائة إلى 0.75 في المائة، وسعر الفائدة على ودائع الشهر الواحد من 2.20 في المائة إلى 1.45 في المائة، إضافة إلى خفض سعر الفائدة على مصارف قطاع التجزئة مقابل تسهيلات الإقراض من 2.45 في المائة إلى 1.70 في المائة.
وحسب بيان لمصرف البحرين المركزي، فإن التعديل على أسعار الفائدة يأتي مقابل تسهيلات الإيداع والإقراض في سياق الإجراءات التي يتخذها المصرف لضمان انسيابية واستقرار أداء أسواق النقد في البلاد.
وأعلنت الحكومة عن حزمة مالية بقيمة تناهز 11،39 مليار دولار من أجل دعم الاقتصاد ومكافحة تداعيات تفشي فيروس "كورونا". كما تعتزم مضاعفة حجم صندوق السيولة إلى 530 مليون دولار)، بينما سيزيد البنك المركزي قدرة الإقراض لدى البنوك 3.7 مليار دينار (9.80 مليار دولار) لتأجيل الأقساط والتمويل الإضافي للزبناء.
وتجري المملكة في نفس الصدد، محادثات مع بنوك دولية للحصول على قرض بقيمة مليار دولار عد تعليق خطط البلد الخليجي لإصدار سندات دولية بسبب الأوضاع السيئة بالسوق.
وقالت وسائل إعلام محلية، إن البحرين عينت مجموعة من البنوك قبل أسابيع من أجل إصدار محتمل لسندات مقومة بالدولار الأمريكي لكن تم تعليق الصفقة بسبب الأوضاع المتدهورة بالسوق الناجمة عن التفشي العالمي لفيروس "كورونا".
وينظر مجتمع الأعمال في البلاد بعين الرضا إلى سلسلة التدابير هذه ويتطلع الى مزيد من التحفيزات لتفادي انهيار الاقتصاد، حيث قال رجل الأعمال عبد الرحمن فخرو، في تصريح صحفي إن الحكومة قامت بخطوات كبيرة وغير مسبوقة في تعاملها مع الأزمة، مبرزا اهمية دعم الدولة لإعادة التوازن للاقتصاد الوطني الذي تأثر كغيره من الاقتصادات العالمية.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي أكبر جعفري أن أزمة "كورونا" أربكت العالم بأكمله، وأصابته بشلل نصفي، ولم تكن البحرين بعيدة عن تلك التأثيرات، لذلك فإن الحزمة المالية التي أعلنت عنها الحكومة جائت في التوقيت المناسب لتحفظ التوازن للاقتصاد الوطني، وإعادته إلى الحالة الطبيعية قدر الإمكان.
وأكد أن الوضع الاقتصادي سيحتاج إلى جرعة تعاف أخرى بعد انتهاء الأزمة، مشيرا إلى أهمية ضخ مبالغ أخرى من أجل التعافي السريع من آثار أزمة "كورونا".
أما رئيس لجنة السياحة والضيافة بغرفة الصناعة والتجارة جهاد أمين فسجل أن حزمة الإجراءات المالية التي اتخذتها الحكومة كانت بمنزلة الجرعة التي أعادت الروح للسوق المحلي بشكل عام، والقطاع السياحي بشكل خاص، لافتا إلى أن هذه الأزمة تُعد من أكبر الأزمات التي عانى منها القطاع السياحي في البحرين والعالم.
وأضاف أمين أن السياحة في البحرين تأثرت كثيرا، خصوصا أن السفر توقف تماما بسبب توقف معظم شركات الطيران، كما أن نسب الإشغال في الفنادق وصلت إلى الصفر في بعض الفنادق، مضيفا أن الحزمة المالية جاءت لترفع عن كاهل المؤسسات السياحية الكثير من الالتزامات ومساعدتها على الصمود في وجه هذه الأزمة الطارئة.
ولم يختلف الوضع في القطاع الثقافي حيث تم تأجيل كل العروض السينمائية ومعارض الكتب والسهرات الفنية والمعارض التشكيلية والتظاهرات المحلية والدولية.
وفي هذا الصدد، تم تأجيل الدورة الأولى لمهرجان البحرين السينمائي التي كانت مقررة في الفترة من 4 إلى 8 مارس الجاري، وذلك التزاما بتوصية وزارة الداخلية البحرينية واستجابة لقرار هيئة البحرين للثقافة والآثار بتعليق كل فعالياتها الجماهيرية بسبب فيروس "كورونا".
كما أعلنت هيئة البحرين للثقافة والآثار تأجيل فعاليات معرض البحرين الدولي للكتاب في نسخته التاسعة عشرة والذي كان من المقرر إطلاق فعالياته في 25 مارس الجاري، وذلك حتى موعد يحدد لاحقا.
أما على المستوى الرياضي، فقد قررت البحرين كذلك تأجيل جائزة البحرين الكبرى للفورمولا 1 والتي كانت مقررة ما بين 19 و22 مارس الجاري بحلبة البحرين الدولية إلى وقت لاحق، وذلك على خلفية المخاوف من تفشي فيروس (كورونا) المستجد.
وذكر الرئيس التنفيذي للحلبة، الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة، في هذا الصدد، أن هذا القرار تم اتخاذه بعد التشاور مع الاتحاد الدولي للسيارات جراء تطور الوضع في ما يتعلق بفيروس (كورونا) على المستوى العالمي.