وأبرز السيد بنعتيق، في مقال بعنوان "ديون جائحة كرونا: هل ستدخل في خانة الديون العمومية؟"، أن النقاشات الجارية حاليا حول المخارج الممكنة اقتصاديا بعد أزمة كورونا تبرز مدى انشغال العالم بالتفكير في تدبير صعوبات ما بعد الوباء، مشيرا إلى أن الوضع الدولي يتسم بسيطرة الغموض والشك، من جهة، وبالصراع الأمريكي الصيني من جهة أخرى، هذا في ظل غياب تام لمؤسسات الحكامة الكونية القادرة على خلق جسور التفاهم عن طريق الحكمة و التبصر لإيجاد الحلول الممكنة عوض التشنج وزرع الفتنة.
واعتبر الأستاذ الباحث أن المؤسسات المانحة ستتعرض في ظل هذه الأزمة لاختبار صعب، حيث أصبحت بتجاوز دور المواكبة المالية المحضة إلى خلق شروط لتفاعل حقيقي مع مرحلة تحتاج إلى هندسة مغايرة تأخذ بعين الاعتبار حاجة المجتمعات إلى سياسات عمومية تحمي الإنسان وتمنحه الإمكانيات لمجابهة المخاطر، بعيدا عن عقلية البحث عن المردودية السريعة على حساب قيم التضامن، وأن فرصة ما بعد كوفيد-19 قد تكون مناسبة لهذا التحول العميق في تدبير الشأن الاقتصادي كونيا.
ولفت إلى أن السؤال الذي بات يؤرق كل الحكومات بدون استثناء هو كيف سيتم تسديد الديون المترتبة عن تدبير جائحة كرونا؟، إذ تطرح على الصعيد الأوروبي فرضيات شراء القروض من طرف البنك المركزي الأوربي على المدى القريب في انتظار الحسم النهائي في التحديات المالية المفاجئة المطروحة أوروبيا، مشيرا إلى أن بروكسيل عمدت، خوفا من انهيار منطقة الأورو، إلى الحفاظ على توفير السيولة المالية المباشرة للدول الأعضاء المتضررة من التوقف المفاجئ لعجلة الإنتاج.
وسجل أنه إلى جانب أوروبا، يدور نقاش داخل المؤسسات الدولية المعنية بتدبير العلاقات المالية الكونية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بموازاة مع مبادرات ميدانية تقوم بها كل الدول لوقف النزيف الاقتصادي المترتب عن هذه الجائحة، مع بروز اجتهادات تسعى إلى إيجاد صيغ مخالفة للتعاطي مع إشكالية الديون الناتجة عن تكاليف مواجهة الوباء.
وفي هذا الصدد، أشار السيد بنعتيق إلى أن البعض يقترح إمكانية إلغاء ديون 40 دولة سائرة في طريق النمو قد تكون كورونا عرقلة أمام تطورها الاقتصادي، في حين يرى فريق آخر من الخبراء عكس ذلك، مسلحين بأرقام تؤكد تراجع مستويات الفقر التي كانت تمس 95 في المائة من ساكنة العالم في بداية القرن التاسع عشر، بينما لا تتعدى اليوم 10 في المائة.
وفي ما يتعلق بالمغرب، ذكر السيد بنعتيق بمصادقة البرلمان على قانون 20.26 القاضي بتجاوز سقف 31 مليار درهم كمديونية منصوص عليها في قانون المالية الجاري به العمل إلى حين تقديم قانون مالية تعديلي، حيث كان اللجوء إلى القروض الخارجية خيارا لا مفر منه، باعتبار أن تأجيل دفع مستحقات الديون والتفاوض على جدولة أخرى قد يؤثر على المصداقية المالية للمغرب لدى المؤسسات المانحة، وبالتالي فالحل، حسب وزارة المالية، هو الاقتراض لتسديد الالتزامات المبرجمة مع ضرورة الاحتفاظ على الاحتياطي من العملة الصعبة نظرا لدوره السيادي على مستوى التعاطي مع الأسواق الخارجية.