وفي مظاهرة أمام مقر وزارة الخارجية الدنماركية، تجمع رجال ونساء، شبابا وصغار، بعضهم مرتدين الزي التقليدي الصحراوي، دون أن يثنيهم عن ذلك برد أمسية صقيعية، ليعبروا بأعلى صوت وبقوة عن تشبثهم بالوحدة الترابية للمملكة ودعمهم لتدخل القوات المسلحة الملكية لتطهير معبر الكركرات من ميليشيات "البوليساريو".
وشكلت هذه المظاهرة، التي نظمت بمبادرة من جمعية البيت المغربي الصحراوي والمجلس الاستشاري المغربي-الدنماركي، فرصة لفضح الأطروحات المغلوطة للانفصاليين، الذين استشاطوا غضبا من فشل مظاهرتهم قبل أسبوع أمام سفارة المغرب في كوبنهاغن.
الأصعب هو فطام المؤيدين لـ "البوليساريو". يشق عليهم الاعتراف بالواقع الماثل الآن أمام أعينهم، بوجود الوطنيين المغاربة الذين يقفون في وجههم أينما ذهبوا، عازمين على كشف أكاذيبهم، وأباطيلهم المزمنة.
وهكذا، فإن نفس الوطنيين سبقوهم إلى عين المكان ليعلنوا في جو يسوده النظام والانضباط، عن تعبئتهم للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة. مع حلول المساء صدح عبر مكبر الصوت، النشيد الوطني والأغاني الوطنية التي رددها أجيال المغاربة من طنجة إلى الكويرة مثل "صوت الحسن" و"العيون عينيا".
وفي كلمة بهذه المناسبة، أعرب أحمد ولد البشير، العضو السابق بجيش التحرير وعضو القوات المسلحة الملكية سابقا، بشهادة مؤثرة، وهو في السبعين من عمره، عن التشبث الراسخ لجميع قبائل الصحراء المغربية بالوطن الأم والتزامها اللامشروط بالمقترح المغربي للحكم الذاتي.
وأكد بلهجة حسانية جميلة ملؤها الفرح والحماس "نحن، مواطنون مغاربة من الأقاليم الجنوبية نتشرف ونفتخر بأننا تلقينا أثمن وسام: مقترح الحكم الذاتي. ولا يمكننا أن نقبل بأي بديل آخر عن وحدة الوطن".
وفي نفس السياق، تعتبر حليمة عباسي، الفاعلة الجمعوية، أنه حان الوقت لنزع أقنعة المؤيدين لـ "البوليساريو" في الدنمارك، وفي كل الأماكن الأخرى، لاسيما في ظل الجحيم الذي يعيشه المحتجزون بمخيمات تندوف لنحو نصف قرن بين براثن الفقر والجوع.
من جانبه، قال الخبير القانوني الدنماركي، لاو ترابرج سميث، الذي كان هو نفسه ضمن البعثة الدولية لمراقبة محاكمة أكديم إزيك، إن الخلاف حول الصحراء المغربية هو "مسألة ينبغي معالجتها، دون أي مزايدة سياسية، داخل الأمم المتحدة".
وفي هذا السياق، تذكر كيف أن "الديكتاتورية العسكرية الجزائرية منعتني، كرجل قانون، من الحق في الوصول إلى مخيمات تندوف، على عكس الجانب المغربي الذي فتح لي الباب على مصراعيه للقيام بعملي".
وفي تقليد خالص للمجتمع المدني الذي يحترم نفسه، قدم الوطنيون المغاربة مذكرة إلى وزارة الخارجية الدنماركية تحت شعار "لا تدعموا أبدا دعاية +البوليساريو+ باسمنا".
وبفارق ساعة واحدة، احتلت حفنة من مؤيدي +البوليساريو+ المكان، وكررت نفس الكلام ورددت الأسطوانة المشروخة ذاتها ولافتات اصفرت مع مرور الزمن وبفعل المناخ.
وقامت وزارة الخارجية الدنماركية بإعادة نشر تغريدة لسفيرها بالمغرب وموريتانيا، التي جدد فيها التأكيد على دعوة بلاده "إلى احترام وقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة".
وقال السيد نيكولاي هاريس، إن "الدنمارك تؤيد تصريح الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل"، حول الصحراء المغربية، موضحا أن بلاده "تؤكد على أهمية احترام اتفاق وقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة".