فهذه الحقوقية التي تنتمي إلى هيئة المحاماة بمدريد (كوليخيو دي أفوكادو)، تعتبر نفسها محظوظة لأنها تمكنت بإصرار وعزم كبيرين من أن تحقق جزءا من أحلامها التي راودتها منذ أيام دراستها للقانون بالمغرب، وتحديدا بمدينة طنجة، وأن تصبح محامية ممارسة بإسبانيا تعمل بشغف كبير في الترافع عن الحق والقانون في ردهات المحاكم وتناضل في الخارج دفاعا عن القضايا التي تؤمن بها، خاصة قضايا المرأة وتمكينها وقضايا المهاجرين مع الانخراط في كل المبادرات التي تشارك فيها دفاعا عن المغرب وقضاياه.
تقول عزيزة مغني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنها رأت النور بمدينة طنجة لكن وبحكم ظروف عمل والدها الذي كان يشتغل في صفوف القوات المساعدة، فقد انتقلت الأسرة إلى مدينة مكناس حيث ولجت المدرسة وتابعت دراستها الابتدائية بهذه المدينة، قبل أن تشد الأسرة الرحال مرة أخرى إلى طنجة حيث واصلت دراستها الإعدادية والثانوية.
وتؤكد هذه الحقوقية أنها لم تفكر كثيرا حين نالت شهادة الباكلوريا لأنها كانت منذ صغرها تحلم بأن تصبح محامية تدافع عن الحق والعدالة والقانون، لتتجه مباشرة إلى التسجيل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بطنجة التابعة لجامعة عبد المالك السعدي في شعبة القانون الخاص (فرنسية)، وتتوج مسارها الجامعي بحصولها على شهادة الإجازة عام 2004.
وحين انتقلت إلى إسبانيا عام 2005 في إطار التجمع العائلي، بعد زواجها، قررت تعلم اللغة الإسبانية وفي نفس الوقت دراسة القانون باللغة الإسبانية لتحصل على المعادلة لشهادتها الجامعية، وهو ما تأتى لها بعد سنتين من الدراسة بجامعة (لاوني) للقانون، لتحصل على شهادة الإجازة في القانون باللغة الإسبانية عام 2012، وتلتحق بشركة دولية للمحاماة متخصصة في مجال التأمينات بفرعها بمدريد، قبل أن تعاود مرة أخرى للالتحاق بـ (جامعة ليون) للقانون لنيل شهادة الماستر تخصص الممارسة القانونية، الذي يخول لها الانتساب إلى هيئة المحاماة.
تقول عزيزة مغني التي فتحت مكتبها بمدريد من عام 2014، إن احتكاكها بقضايا المهاجرين حيث أن أغلب الملفات التي تشتغل عليها (حوالي 80 في المائة) مرتبطة بقضايا الهجرة والجنسية، بالإضافة إلى الأحوال الشخصية وقضايا القانون الجنائي في إطار ما يسمى بالمساعدة القضائية، قد فتح أعينها على قضايا أفراد الجالية المغربية الذين يقيمون في إسبانيا، وعلى المشاكل التي تعترض البعض منهم، خاصة المرأة المهاجرة وكذا الأطفال ومشاكل الاندماج ببلد الاستقبال، ولذلك انخرطت منذ التحاقها بالعمل بهيئة المحاماة بمدريد في مختلف المبادرات التي تروم الدفاع عن حقوقهم ودعمهم ومساندتهم وتقديم الاستشارة القانونية لفائدتهم.
ورغم انشغالاتها، فإن هذه الحقوقية التي تصر دائما على واجب الدفاع عن العدالة وعن الحقوق الأساسية للبشر، لا تتوانى في تقديم الاستشارة والدعم والمساعدة للمهاجرين بصفة عامة وللمهاجرين المغاربة على وجه الخصوص، الذين تؤكد أن العديد منهم وبالنظر لجهلهم بالقانون الإسباني وبالمساطر الإدارية المعتمدة، يعيشون في دوامة من المشاكل القانونية التي تترتب عنها في بعض الأحيان مآسي اجتماعية عويصة تطال الأسرة خاصة الأطفال.
ولتقديم الدعم والمساعدة للمهاجرين والبحث عن حلول للمشاكل التي يواجهها البعض منهم خاصة أمام القضاء، تشارك عزيزة مغني وهي عضو مؤسس لـ "جمعية المحامين المغاربة بإسبانيا" في إطار العمل الجمعوي في مبادرات تقديم الاستشارة القانونية لهذه الفئة، في كل ما له علاقة بمدونة الأسرة والقانون الجنائي والمدني وقانون الشغل وقضايا القاصرين والعنف ضد المرأة، بالإضافة إلى القضايا المرتبطة بالطرد أو الترحيل.
كما تشارك مع جمعيات تنشط في إطار المجتمع المدني في تنظيم دورات تكوينية لفائدة المهاجرين المغاربة، تستهدف بالأساس تعريفهم بحقوقهم وكذا بمختلف المساطر القانونية المعتمدة بإسبانيا، وتوعيتهم بوضعهم كمهاجرين لهم حقوق وواجبات وبآليات تحقيق الاندماج السلس في بلد الاستقبال.
وحسب عزيزة مغني، فإن "جمعية المحامين المغاربة بإسبانيا" تساهم منذ تأسيسها في عام 2016 عبر مبادرات وأنشطة متنوعة، في تقديم الدعم والمساعدة للمهاجرين المغاربة والدفاع عنهم أمام القضاء، خاصة بالنسبة للقاصرين.
وقام أعضاء هذه الجمعية وكلهم من المحامين المغاربة الممارسين بمختلف المناطق والمدن بإسبانيا خلال الأزمة الصحية المرتبطة بتفشي فيروس كورونا المستجد، بمبادرة تمثلت في نشر أرقام هواتف كل الأعضاء عبر شبكة التواصل الاجتماعي، والتجند لتقديم الاستشارة القانونية وكل أشكال الدعم والمساعدة لجميع المغاربة الذين يتصلون بهذه الأرقام، سواء من أفراد الجالية الذين يقيمون في إسبانيا أو الذين علقوا بعد الإغلاق الشامل الذي اعتمدته السلطات من أجل التصدي للجائحة.
وتؤكد أنه رغم الصعوبات وأعباء الأسرة، فإنها ملتزمة بمواصلة نضالها دفاعا عن قضايا المرأة وعن مصالح المهاجرين وكذا دفاعها في إطار العمل الجمعوي على القضايا العادلة للمملكة، كلما استدعى الأمر ذلك، مع مواصلة مسارها المهني كمحامية مغربية استطاعت أن تفرض ذاتها في مهنة تتطلب الكثير من العزيمة والقوة والبذل، وأن تعطي المثال على كفاءة وقدرة المرأة المغربية، خاصة المهاجرة على تحقيق ذاتها في مختلف المجالات.