وتميزت الأشهر القليلة الماضية بتبادلات مكثفة بين المسؤولين المغاربة والبرازيليين للحفاظ على زخم التعاون الثنائي وتعزيزه ووضع إطار ملائم لتوسيعه ليشمل جميع المجالات.
إلى جانب التقارب السياسي الذي تنشده وترعاه قيادة البلدين، نمت التجارة منذ عام 2016 وحطمت رقمًا قياسيًا سنة 2021، حيث بلغ حجم التجارة ما يقرب من 3 مليارات دولار. ووصلت الصادرات المغربية إلى مستوى غير مسبوق: حوالي 2 مليار دولار.
وسجل إجمالي الصادرات المغربية إلى البرازيل العام الماضي ارتفاعا يناهز 70 بالمائة مقارنة بسنة 2020، وهو ما يوضح بالفعل مستوى التفاهم بين المملكة والبرازيل، حيث وصف رئيسها جايير بولسونارو المغرب، أول مصدر عربي إلى عملاق أمريكا الجنوبية بعد السعوديه، بالشريك استراتيجي.
وفي حديثه خلال المنتدى البرازيلي- العربي الذي نُظم مؤخرا بساوباولو، أكد بولسونارو بشكل خاص على أهمية التعاون مع الدول العربية، وفي مقدمتها المغرب، ولا سيما في تعزيز الأمن الغذائي العالمي. وقال إنه من حيث الواردات، كان المغرب في القارة الافريقية المورد الرئيسي للبرازيل سنة 2021، وهو البلد الذي يحتل اليوم المركز الثالث في تصدير الأسمدة إلى البرازيل بعد روسيا وكندا.
كما أشاد الرئيس البرازيلي بالزيارة الأخيرة لوزير الزراعة والثروة الحيوانية والتموين، ماركوس مونتيس، الذي عقد سلسلة من الاجتماعات في المملكة مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين من أجل رفع مستوى التعاون الثنائي.
بالنسبة للخبير البرازيلي في الجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية، ماركوس فينيسيوس دي فريتاس، فإن تكثيف العلاقات التجارية بين البرازيل والمغرب يعكس الطابع الاستراتيجي الذي تمثله المملكة لبرازيليا، كونها "دولة استراتيجية مفتوحة على العديد من الأسواق: العربية والإسلامية، ولكن على وجه الخصوص إفريقيا ".
وأكد وزير الصناعة والتجارة، السيد رياض مزور ، الذي شارك في نفس المنتدى عبر تقنية الفيديو، هذا النمو الملحوظ في التجارة المغربية البرازيلية، التي تضاعف حجمها خلال السنوات الخمس الماضية.
وبهذه المناسبة، أكد السيد مزور أن "المغرب يجدد التزامه الراسخ بتمتين روابط التعاون جنوب-جنوب عبر تبادل الخبرات خاصة في مجال الابتكار واعتماد رؤية حديثة ومبتكرة تتعلق خصوصا بتنويع منافذ البيع، وتعزيز التموين فيما بين بلداننا وتشخيص القطاعات الرئيسية من أجل الاستفادة من تكامل اقتصاداتنا بما من شأنه خلق قيمة مضافة مهمة ومناصب شغل قارة".
وإلى جانب نطاقها الاقتصادي، تؤكد التبادلات الاقتصادية بين البلدين الدينامية الجيدة لعلاقات التعاون الثنائي، كما أكد وزير العلاقات الخارجية البرازيلي ، كارلوس ألبرتو فرانكو فرانسا ، الذي سلط الضوء على "الفرص الكبيرة لتنويع و تعزيز" هذه الروابط.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش حفل توشيح نهاية العام الماضي للرئيس البرازيلي الاسبق ، فرناندو أفونسو كولور دي ميلو، بالحمالة الكبرى للوسام العلوي، أشار السيد كارلوس فرانسا إلى أن المغرب "يحتل موقعا مركزيا في شمال إفريقيا كجسر مع البلدان والقارات الأخرى "، مما يضمن أن "المغرب والبرازيل، العضوين غير الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يمكنهما أيضًا التنسيق بشكل أكبر داخل الأمم المتحدة والمنتديات الدولية ".
من الواضح أن آفاق التعاون بين البلدين المؤثرين في منطقتهما واعدة للغاية، لا سيما في ضوء الاتفاقيات التي أبرمها البلدان، بما في ذلك تيسير الاستثمار.
ومن شأن هذه الترسانة القانونية،حسب السيد مزور، أن توفر مناخا مثاليا للأعمال للمقاولات المغربية والبرازيلية، وأن تساهم في الرفع من المبادلات التجارية بين البلدين، وإنجاز مشاريع واستثمارات مشتركة موجهة خصوصا للتصدير.
وتحظى هذه الطموحات بدعم غير مشروط من مسؤولي البلدين، على المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية وكذلك البرلمانية.
وخلال اجتماع في وقت سابق من هذا الشهر مع سفير المغرب ببرازيليا، نبيل الدغوغي، أكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع في مجلس النواب البرازيلي، السيد بيدرو فيليلا ، التزام المؤسسة التشريعية البرازيلية لصالح تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والبرازيل.
وقال بيدرو فيليلا "نحن ندرك الأهمية الاستراتيجية للمغرب بالنسبة للبرازيل خاصة فيما يتعلق باستيراد الأسمدة".
ووفقًا للسيد دي فريتاس، "سيكون من المجدي، قبل الانتقال نحو المزيد من المنتجات الصناعية، أن يعمل المغرب والبرازيل معًا لتثمين المنتجات الأولية المنتجة على جانبي المحيط الأطلسي. ويمكن لقرب الشمال الشرقي البرازيلي من المغرب أن يسمح أيضًا بإنشاء خطوط مباشرة وروابط تجارية أوثق ".
وأضاف أنه من المهم إنشاء ممر بحري عبر المحيط الأطلسي، مع تدفق أسرع وأكثر كثافة وذكاء للبضائع، وكلاهما يشكلان منصات للوصول إلى أسواق أكبر ضمن الامتدادات الجيوسياسية للبلدين.
يبدو أن علاقات التعاون بين المغرب والبرازيل، المدعومة بالإرادة السياسية ونقاط القوة والفرص التي يوفرها البلدان، ستتعزز بشكل أكبر لخدمة المصالح المشتركة، مع إدراك كامل للترابط بين اقتصادات البلدين لاسيما في الأمن الغذائي العالمي.