في هذا الموجز، تسلط وكالة المغرب العربي للأنباء، من خلال سلسلة من المقالات والتحليلات والرؤى والحوارات الضوء على هذه الحوادث المأساوية وجوانبها وتداعياتها المتعددة، مع التركيز، بشكل خاص، على سياسة الهجرة التي تتبها المملكة المشهود بها على المستوى الدولي.
في مثل هذا اليوم من السنة الماضية ، نفذت مجموعة من المهاجرين غير القانونيين المنحدرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، عملية اقتحام للثغر المحتل مليلية من خلال محاولة تسلق السياج الحديدي بين هذه المدينة والناظور.
في ما يلي استرجاع لكرونولوجيا أحداث هذه العملية المأساوية :
24 يونيو 2022
- مجموعة من المهاجرين غير القانونيين المنحدرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، تحاول صباح يوم الجمعة، اقتحام مدينة مليلية المحتلة من خلال الشروع في تسلق السياج الحديدي بين مدينتي الناظور ومليلية، والانخراط في عنف غير مسبوق، بالعصي والحجارة والأدوات الحادة، ضد القوات العمومية المغربية.
- سجلت السلطات المحلية إصابة 140 من أفراد القوات العمومية بجروح متفاوتة الخطورة، إصابة خمسة منهم خطيرة.
محاولة اقتحام مليلية في يونيو 2022 ، عمل إجرامي مدبر
لا يمكن وصف محاولة اقتحام مدينة مليلية المحتلة من طرف مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين ينحدرون من جنوب الصحراء في 24 يونيو 2022 ، إلا بكونها عمل إجرامي مدبر يفضح بوضوح أهداف الجهات التي حرضت وخططت على تنفيذه.
وتكشف الطريقة التي اعتمدها حوالي 2000 مهاجر في محاولة لعبور السياج الحديدي الفاصل بين مدينة الناظور ومليلية المحتلة، بما لا يدع مجالا للشك، التنظيم المحكم لهذه العملية والتي خضع منفذوها للتأطير من قبل مافيات الاتجار بالبشر.
- مافيات الهجرة غير الشرعية تنشط بالمغرب وإفريقيا
انتقل المغرب من بلد عبور إلى بلد استقبال للمهاجرين، وأصبح منذ سنوات ضحية لشبكات مافيا الهجرة غير الشرعية التي تريد بأي ثمن نقل هؤلاء المهاجرين إلى الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط.
ويتعلق الأمر ،حسب عدد من وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، بشبكات لعصابات دولية منظمة بشكل جيد ومنخرطة في الاتجار بالبشر ، تقوم باستقدام مهاجرين من دول جنوب الصحراء إلى المغرب ، عبر الجزائر. ، مستغلة "التراخي المتعمد" لهذا البلد في مراقبة حدوده مع المملكة. فالمهربون في البلدان المجاورة للمغرب ينظمون ممرات لتنقل المهاجرين غير الشرعيين عبر عدة دول نحو الجزائر ثم المغرب.
لذلك من المؤكد أن هذا الهجوم تم تدبيره وتنسيق عملياته من قبل شبكات المافيا، التي لم يعد من الممكن إخفاء أهدافها مستفيدة من التراخي الطوعي من جانب الجزائر في هذا الشأن.
من جهة أخرى، يكشف العنف الشديد الذي طبع محاولة اقتحام السياج الحديدي الفاصل بين مدينة الناظور ومليلية المحتلة ، وكذا الاستراتيجية المعتمدة في تنفيذها عن حس عال من التنظيم والتخطيط تم حبكه بشكل جيد.
وبحسب عدد من الصحف، فقد كان من بين المهاجرين غير الشرعيين الذين شاركوا في هذا الهجوم العنيف ، شبان أدوا الخدمة العسكرية في بلدهم الأصلي وآخرون يتقنون حرب العصابات والتسلل والتنظيم التكتيكي.
- هجوم عنيف غير مسبوق، ومخلقات مأساوية
لم يتردد بعض المهاجرين في استخدام المناجل والسيوف ضد قوات الأمن المغربية ، التي أصيب العديد من أفرادها خلال مواجهتهم للهجوم.
المجلس الوطني لحقوق الإنسان وصف هذا الحادث بأنه "سابقة في ضوء الاستراتيجية المعتمدة وحجم وعدد المهاجرين المتورطين وعدد الضحايا والمصابين". فقد كشف المجلس في التقرير الأولي للجنته الاستطلاعية عقب هذا الحادث المأساوي ، عن وفاة 23 مهاجرا وإصابة 217 شخصا من بينهم 140 من القوات العمومية و77 من المهاجرين.
وتعزى حالات الوفيات المسجلة الى الاختناق الميكانيكي والتدافع وازدحام عدد كبير من الضحايا في فضاء مغلق (كارثة جماعية) ، مع التحرك في حالة من الذعر ، حسب ذات التقرير.
وكان المجلس قد سجل وجود تحول ناشىء وجذري لطبيعة محاولات العبور من الناظور إلى مليلية المحتلة ، المرتبط بالشكل المعتمد ، أي هجوم مباغت ومحكم التنظيم وغير معتاد من حيث الزمان اي في وضح النهار ، والذي استهدف المعبر وليس السياج الحديدي ومحاولة الاقتحام بدلا من تسلق السياج.
وتبقى محاولة العبور بالقوة في اتجاه مليلية المحتلة ، التي نفذها مئات المهاجرين غير الشرعيين في يونيو 2022 ، غير مسبوقة من حيث أسلوبها والعنف الحاد الذي رافقها من طرف المهاجرين.
وتمكنت قوات الأمن المغربية ، التي أبانت عن حرفية عالية ، من إحباط محاولة الاقتحام هذه رغم العنف الصادر عن المهاجرين، فيما تم توفير الإسعافات الطبية اللازمة والتدخلات الجراحية الضرورية لفائدة المصابين.
المغرب : سياسة للهجرة واللجوء ذات بعد إنساني
ينهج المغرب منذ عقد تقريبا، تفعيلا للتعليمات الملكية السامية، سياسة للهجرة واللجوء تتميز ببعدها الإنساني وتحترم كرامة وحقوق المهاجرين، وتجعله يحظى بإشادة قوية على المستوى الدولي.
وبفضل سياسة الهجرة الشاملة، الإنسانية والواقعية والمتضامنة، تحول المغرب إلى أرض استقبال وكرامة حيث يتمتع اللاجئون والمهاجرون بالحماية الكاملة والولوج، على قدم المساواة إلى جانب المواطنين المغاربة، إلى التعليم والسكن والصحة والتكوين المهني والتشغيل.
وتكرس هذه السياسة الرائدة والشاملة والمسؤولة، التي تقوم على التدبير الإنساني للحدود في ظل التحولات الكبرى التي تعرفها ظاهرة الهجرة على المستويين الإقليمي والدولي، الأسس الدستورية للمملكة ودينامية حكامة في مجال الهجرة ترتكز على مبادئ حقوق الإنسان ونموذجا بارزا لحماية المهاجرين والأشخاص في وضعية هشاشة.
وتعكس هذه السياسة، المتميزة بعمقها الإنساني الرامي لحماية المهاجرين، اتساق مقاربة السلطات المغربية في استمرارية هذا المسار الاستراتيجي الذي رسمته الرؤية الملكية السامية في سنة 2013 المتعلق بتنفيذ استراتيجية وطنية جديدة دامجة وإنسانية للهجرة واللجوء.
- عملية تسوية أوضاع المهاجرين : المغرب يعطي النموذج
وبالفعل، فقد مكن تنفيذ هذه الاستراتيجية الوطنية الجديدة بشأن الهجرة واللجوء من إطلاق عمليتين استثنائيتين سنتي 2014 و 2016 لإدماج المهاجرين المقيمين بشكل غير قانوني في المغرب، مكنتا من تسوية وضعية أكثر من 50 ألف أجنبي، معظمهم ينحدر من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
وتمثل الغرض من تسوية أوضاع المهاجرين المقيمين بصفة غير قانونية بالمغرب في تمكينهم من التمتع الكامل بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية وتسهيل اندماجهم في سوق الشغل.
وتعد هذه السياسة غير المسبوقة لإدماج المهاجرين على المستوى القاري بالنسبة للمملكة خيارا إراديا يساهم في إغناء تنوع وحيوية المجتمع المغربي، الذي تأسس منذ آلاف السنين على نموذج مثالي للانفتاح على الآخر وكرم الضيافة والتلاقح الثقافي والحضاري، بحيث تستند أهداف هذه السياسة إلى نظام قيمي للتضامن يشكل جوهر المجتمع المغربي منذ القدم.
وفي ظل استمرارية هذه الاستراتيجية التي تكرس التوجه الإفريقي البارز للمملكة، الذي يقوم على مقاربة تضامنية وشاملة، يستقبل المغرب في جامعاته أزيد من 12 ألف طالب من دول إفريقيا جنوب الصحراء، يستفيد 90 في المائة منهم من منح دراسية تقدمها حكومة المملكة المغربية.
كما يتمثل البعد الإنساني في النموذج المغربي لتدبير الهجرة في عمليات العودة الطوعية التي تنظمها المنظمة الدولية للهجرة لصالح المهاجرين الراغبين في العودة إلى بلدانهم الأصلية، في ظل الاحترام الكامل لحقوقهم وكرامتهم وبتنسيق مع الدول الافريقية. وقد استفاد أكثر من 8100 مواطن إفريقي من هذه العمليات منذ سنة 2018.
- المغرب أرض استقبال للمهاجرين
وفي السياق ذاته، حرص المغرب في فترة الأزمة الصحية لجائحة "كوفيد-19" على استفادة المهاجرين واللاجئين من حملة التطعيم ضد الوباء، ويفكر اليوم في سبل توسيع ولوج الأجانب المقيمين بالمغرب إلى ورش تعميم الحماية الاجتماعية الطموح.
وحرصا منه على تعزيز التدبير الإنساني للحدود، اعتمد المغرب خلال سنة 2020 ترسانة من "المساطر المعيارية لنظام توجيه والتكفل بالمهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر أو توقيفهم في الحدود"، وذلك من أجل تنظيم عملية الاستقبال والتوجيه والتكفل بالمهاجرين حسب وضعهم، سواء كانوا مهاجرين لأسباب اقتصادية أو طالبي لجوء أو ضحايا للعبودية.
من ناحية أخرى، وعلى عكس دول أخرى بالمنطقة التي لا تؤمن بالرهان الجماعي، فإن المغرب يعتبر دولة ذات مصداقية وشريك موثوق به على المستوى الإقليمي، يتحمل مسؤولياته المرتبطة بمراقبة الحدود ومكافحة كل أنواع التهريب الحدودي بما في ذلك تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
وبفضل كل هذه الجهود، يعد المغرب من أوائل دول الجنوب التي تبنت سياسة تضامن حقيقية لاستقبال المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، حسب مقاربة إنسانية متكاملة تضمن حماية حقوقهم وتحفظ كرامتهم.
وبهذا الخصوص، تمثل المملكة نموذجا يحتذى للعديد من دول القارة، لكونها أول دولة عربية تتبنى مثل هذه السياسة، وبالتالي يحق لها أن تفخر بكونها واحدة من أولى الأمم التي صادقت على معاهدة جنيف.
لقد أثار تفعيل هذه الاستراتيجية الوطنية غير المسبوقة على المستوى الإقليمي ردود فعل إيجابية على مستوى الدول والمنظمات الدولية، جعل المملكة تحظى باعتراف دولي وقاري، توج باختيار صاحب الجلالة الملك محمد السادس كرائد للهجرة في إفريقيا.
كما أنه في إطار جهود المغرب الإنسانية لحماية كرامة وحقوق المهاجرين وضحايا المافيا والجريمة المنظمة، أنقذت البحرية الملكية المغربية أكثر من 17 ألف شخص في عرض البحر بين سنتي 2021 و2022، وفككت أكثر من 1300 شبكة للاتجار بالبشر والهجرة السرية خلال السنوات الخمس الماضية فقط.
وهكذا، ترتكز المقاربة المغربية على حماية حقوق المهاجرين، ليس فقط في الحدود البرية أو البحرية، ولكن من منظور أوسع يشمل ما بعد العودة من قبيل التكفل والتوجيه والمرافقة عبر مشاريع معيشية بديلة من خلال ضمان الاندماج أو منح فرصة ثانية تتمثل في العودة الطوعية.
المغرب أضحى شريكا موثوقا ولا محيد عنه لإسبانيا في مجال إدارة الهجرة
اعتراف وامتنان، كلمتان أساسيتان حملتهما تصريحات الحكومة الإسبانية وهي تتحدث عن تعاون المغرب الفعال والنموذجي في مكافحة الهجرة غير النظامية، والذي أسفر عن نتائج ملموسة على كافة الأصعدة.
وإدراكا منها للدور المركزي الذي تلعبه المملكة كبلد عبور ومقاربتها الإنسانية والشاملة ومتعددة الأبعاد لقضية الهجرة، لطالما عبرت إسبانيا عن إشادتها بالتزام المغرب الراسخ وجهوده المتواصلة في مكافحة الشبكات النشطة في الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
وبالنسبة للحكومة الإسبانية، فإن الإجراءات التي قام بها المغرب، بروح من المسؤولية المشتركة والثقة، أسفرت عن نتائج ملموسة وجسدت مصداقية المملكة ومساهمتها الفعالة والناجعة في توطيد الأمن والسلم في الفضاء المتوسطي.
وحتى في أحلك الظروف، دعمت مدريد المغرب كشريك موثوق به وملتزم ومسؤول، مؤكدة أن المملكة هي أيضا ضحية للهجرة غير النظامية وتتحمل مسؤولياتها الكاملة في احترام القوانين والقواعد لمكافحة مافيات الاتجار بالبشر.
يقول رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز في هذا الصدد، "يبدو أن البعض يعتقد أحيانا أن بلدانا مثل المغرب لا تعاني من الهجرة غير الشرعية، لكن هذه ليست هي الحقيقة"، تصريح جاء مباشرة بعد أعمال العنف المدبرة التي نفذها مهاجرون في الناظور بتاريخ 24 يونيو 2022 بغرض اقتحام مدينة مليلية، ما أدى إلى إصابة عشرات من عناصر قوات الأمن المغربية الذين تصرفوا بمهنية في التعامل مع هجوم غير مسبوق اتسم باستخدام عنف غير مألوف.
رئيس الحكومة الإسبانية أكد، أيضا، على أنه "يجب أن نعترف بالجهود التي يبذلها المغرب، والذي هو بدوره يعاني من ضغط الهجرة غير النظامية"، مؤكدا أن "المسؤولية الحقيقية عن عملية الاقتحام العنيفة التي قام بها مهاجرون من جنوب الصحراء على السياج الحديدي الفاصل بين مدينتي الناظور ومليلية، تقع على عاتق شبكات المافيا".
وبحسب بيدرو سانشيز، فإن "ما حدث عند السياج (...) كان هجوما عنيفا نفذه مهاجرون مسلحون"، داعيا إلى "التعبير عن التعاطف مع قوات الأمن الإسبانية والقوات العمومية المغربية، التي عانت من هجوم عنيف أسفر عن إصابة المئات من قوات حفظ النظام".
وأمام ظاهرة متزايدة التعقيد، والتي تضع الآليات الكلاسيكية لمكافحة الاتجار بالبشر على المحك كل يوم، حثت إسبانيا في مناسبات عديدة، البلدان الأوروبية على إظهار التضامن مع المغرب في حربه ضد شبكات الاتجار بالبشر التي تستخدم أساليب عمل جديدة شديدة العنف، ومستعدة لتحمل كل المخاطر.
في نفس الإطار، قال وزير الداخلية الإسباني، مؤخرا، إن علاقة التعاون بين إسبانيا والمغرب في مكافحة الهجرة غير الشرعية "وثيقة للغاية وحازمة وفعلية، ولا يمكن إلا أن تفضي إلى حالة من الطمأنينة"، منوها بالتعاون الدائم بين البلدين القائم على أساس الثقة والمسؤولية المشتركة.
وأشار المسؤول الإسباني إلى "أننا نعمل يوما بعد يوم مع الحكومة المغربية لمنع وتفكيك المنظمات التي تمارس الاتجار بالبشر"، منوها بـ "التواصل والتنسيق الدائمين" بين البلدين.
وأكد في هذا الصدد "نعمل معا وبشكل دائم لمنع ومكافحة ظاهرة الهجرة"، مضيفا أن المغرب شريك "مخلص" و"أخوي" تقيم معه إسبانيا علاقات "ممتازة".
وإدراكا منهما للتحديات الجديدة في السياق الدولي الحالي والمخاطر التي تمثلها شبكات المهربين والمتاجرين بالبشر ونضج تعاونهما المتعدد الأوجه، يواصل المغرب وإسبانيا تأكيد إرادتهما التي لا تتزعزع للعمل، بحزم وبلا هوادة، ضد شبكات المهاجرين غير الشرعيين وفقا للقوانين المعمول بها وقواعد القانون الدولي.
المهاجرون الأفارقة يجدون في المغرب أرض استقبال واندماج
أصبح المغرب في السنوات الأخيرة وجهة مفضلة للمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء ودول غرب إفريقيا، بالنظر لتقارب الأنماط الثقافية والعامل الجغرافي واستشعار الشعوب الإفريقية، ولاسيما الشباب منهم، للاهتمام الاستراتيجي الذي توليه المملكة للقارة، لا سيما في مجال الهجرة.
ويجسد المغرب هذا الاهتمام بالعمق الإفريقي من خلال سياسة للهجرة إنسانية وشاملة وعملية، أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي مكنت من توفير الإطار القانوني والمؤسساتي الكفيل بتمتيع المهاجرين واللاجئين بحقوقهم الأساسية.
فما يعزز جاذبية الوجهة المغربية كوجهة للاستقرار وليس للعبور فقط، هو ارتكاز جهود المملكة المغربية على الرهان الإنساني في تدبير شؤون الهجرة، من خلال احترام مبادئ حقوق الإنسان ومحاربة الميز، ورهان الاندماج عبر تسهيل الولوج إلى النظام الصحي ومنظومة التربية والتكوين والتعليم العالي والسكن والتشغيل، فضلا عن الرهانات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، التي ترى في الهجرة فرصة للتنمية لا عائقا لها.
ونرى اليوم في مختلف مدن المملكة نماذج لشباب أفارقة قدموا إلى المغرب قصد الاستقرار بحثا عن حياة أفضل لهم ولأسرهم، وآخرون جاؤوا بغرض الدراسة فقط أو بنية العبور إلى الضفة الشمالية للمتوسط، لكنهم فضلوا البقاء بالمغرب بعدما وقفوا على الفرص التي يوفرها للمهاجرين سواء على مستوى الحماية القانونية والحقوقية أو على مستوى تيسير عملية اندماجهم الاقتصادي والاجتماعي.
مامودو سامورا هو أحد هؤلاء المهاجرين الذين استفادوا من الإمكانات الكبيرة التي يوفرها المغرب للشباب الأفارقة حيث تمكن، وبعد مسار دراسي متميز، من شق طريقه بنجاح في مجال الأعمال.
ويحكي مامادو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه قدم إلى المغرب سنة 2008 من غينيا في إطار التعاون القائم بين بلده والمملكة، من بوابة الوكالة المغربية للتعاون الدولي -التي تشكل آلية تعاون مهمة ومبتكرة للنهوض بالمواهب الإفريقية من خلال دعم الطلبة من أكثر من 47 دولة إفريقية لمواصلة تعليمهم العالي بمختلف معاهد ومدارس وجامعات المغرب."
هذا الانفتاح المغربي الاستراتيجي والثابت على الجسد القاري مكن مامودو من تحقيق إنجازات ممتازة على المستويين الأكاديمي والمهني، إذ حصل على إجازة في القانون العام بكلية الحقوق بالمحمدية، ثم على الماستر في "الاتجاهات الجديدة في القانون الدولي" بكلية الحقوق بالدار البيضاء بجامعة الحسن الثاني، ليقرر استكمال مغامرته العلمية بالتسجيل، في الوقت نفسه، بسلك الدكتوراه ، وبشعبة الترجمة التحريرية بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة، التي تخرج منها سنة 2019.
وعلى غرار هذا المسار العلمي الحافل والمتنوع، خاض مامودو العديد من التداريب والتجارب المهنية في مختلف الهيئات والمجالات، إذ عمل في مجال الاستشارة القانونية لدى شركة محاماة ذائعة الصيت بمدينة الدار البيضاء، وعمل لصالح عدد من مكاتب الاستشارة والدراسات والتكوين ودواوين الترجمة، فضلا عن منظمات المجتمع المدني.
ومن أبرز التجارب المهنية الأخيرة لهذا المهاجر الغيني المقيم بالمغرب الإشراف على تدبير مركز المرافقة القانونية للمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين، المسؤول عن اللجوء في جمعية حقوق وعدالة Droits et justice، بالإضافة إلى عمله كمستشار قانوني لعدد من المنظمات الأجنبية غير الحكومية المتواجدة بالمغرب، والعاملة في مجال الإدماج الاجتماعي والمهني للمهاجرين.
"نظرا لتجاربي وخلفياتي المختلفة والمتعددة، شعرت بالحاجة إلى خلق مقاولة خاصة بي أتمكن من خلالها تقديم كل الخدمات التي اكتسبت التعلمات المرتبطة بها في خضم مساري الدراسي بالمغرب، فكان أن أسست مقاولة لخدمات الاستشارات والدراسات والتكوين والترجمة والتواصل والنشر بمدينة الدارالبيضاء" يقول مامودو سامورا.
وبنبرة صدق وامتنان، يؤكد مامودو قناعته الراسخة بأن المغرب بلد يسمح له بتحقيق أحلامه، لا سيما في ظل المكانة الاستراتيجية التي يحظى بها المغرب اليوم والتقدم الذي أحرزه في مناخ الأعمال والمقاولة، انسجاما مع رؤى جلالة الملك محمد السادس المتعلقة بالتعاون جنوب-جنوب والتنمية القارية.
ولفت الانتباه إلى أن نجاح اندماج المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء في الحياة المهنية والاجتماعية بالمملكة المغربية يساهم بشكل مهم في دعم التنمية، ليس في المغرب فقط، بل حتى في الدول مصدر الهجرة وكل القارة.
وإذا كان لمقولة "إفريقيا هي المستقبل" معنى، فإنه لا يمكن تصور هذا المستقبل دون الأدوار الكبرى التي يضطلع بها المغرب اليوم ومنذ سنوات، باعتباره رائدا في التعاون جنوب-جنوب، في دعم التنمية القارية وإدارة قضايا الهجرة من منطلقات حقوق الإنسان بعيدا عن نظارات العنصرية والتعصب والتطرف.
مراكش .. إبراز التجربة الرائدة للمغرب وجهوده الحثيثة لفائدة حكامة حقيقية للهجرة
جرى، يوم الجمعة الماضي بمراكش، إبراز التجربة الرائدة للمغرب في مجال تدبير قضايا الهجرة وجهود المملكة لفائدة حكامة حقيقية للهجرة، سواء على الصعيد الجهوي أو الدولي.
وأجمع العديد من المتدخلين بمناسبة الاجتماع الموضوعاتي، الذي نظم على مدى يومين، حول التدبير الإنساني للحدود، في إطار مسلسل الرباط، على الإشادة بالجهود الدؤوبة التي تبذلها المملكة، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مجال تدبير قضايا الهجرة، وتتجلى في سلسلة من المبادرات التي تم اعتمادها في إطار التزامات المملكة من أجل النهوض وحماية الحقوق الأساسية للمهاجرين وكرامتهم.
ووصف عدد من المتدخلين، ومن بينهم ممثلو دول، ومنظمات دولية، وخبراء، وباحثون في قضايا الهجرة، المغرب بأنه "بطل" في مجال الهجرة.
وتوقف الباحث والفاعل الجمعوي، عبد الرزاق الحنوشي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عند العديد من المبادرات التي اتخذتها المملكة، والكفيلة بوضع أسس حكامة حقيقية للهجرة على الصعيدين الجهوي والدولي.
وأكد أهمية هذا اللقاء، الذي شكل مناسبة لإعمال النقاش حول ما يتم القيام به في إطار التجربة المغربية، بالنظر إلى وضع سياسة جديدة للهجرة منذ سنة 2013، ذات بعد إنساني كبير.
وأضاف أن هذه الجهود تجسدت ميدانيا، أيضا، من خلال عمليتي تسوية وضعية 50 ألف مهاجر بالمغرب، مما مكنهم من التمتع بشكل فعلي بحقوقهم كاملة، وكذا من خلال إرساء استراتيجية وطنية للهجرة واللجوء.
وتابع أن اللقاء عرف تقديم 30 عرضا تمحورت حول الممارسات الجيدة في ما يتصل بالتدبير الإنساني للحدود، مشيرا إلى أنه مكن، أيضا، من تقديم العديد من الاقتراحات في مجال تحسين تدبير الحدود، مع احترام الحقوق الأساسية للمهاجرين، وتعزز تقوية وسائل محاربة شبكات الاتجار بالبشر.
من جهتها، أبرزت مديرة المرصد الإفريقي للهجرات بالرباط، نميرة نجم، أن اللقاء الموضوعاتي الذي انعقد بمراكش عرف نجاحا باهرا، بالنظر للجهود المبذولة على الصعيد الجهوي من أجل تدبير أكثر إنسانية لقضية الهجرة، وللدفاع عن حقوق المهاجرين، وحماية الحدود.
وكشفت ان اللقاء تميز باعتماد حزمة من التوصيات العملية التي من شأنها أن تمكن أوروبا وبلدان الجنوب الأخرى من تدبير جيد لقضية الهجرة، وفي الوقت نفسه ضمان احترام حقوق المهاجرين، مقدمة لمحة مفصلة عن المرصد الإفريقي للهجرات، كمبادرة مغربية في إطار الاتحاد الإفريقي، وكذا حول مختلف مهامه.
بدورها، عبرت رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في الرباط، لورا بالاتيني، عن شكرها للحكومة المغربية على تنظيم هذا الاجتماع الموضوعاتي حول موضوع هام جدا هو التدبير الإنساني للحدود، والذي يوجد في صلب أولويات المنظمة.
كما أبرزت المقاربة المغربية "المتبصرة" و"المبتكرة" في ما يتعلق بتدبير قضية الهجرة، معتبرة أن "الأمر يتعلق الآن ببلورة سياسة سويا، وتقديم أجوبة لوضعيات الأزمة، ولكن أيضا للتدبير المنتظم للحدود تأخذ هذا المفهوم الجديد للتدبير الإنساني بعين الاعتبار".
وخلصت إلى أن "اجتماع مراكش شكل مناسبة للاطلاع على الخطوات الكبيرة التي خطاها المغرب، لاسيما مع وضع، منذ 10 سنوات، الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، والتي تعد سياسة غير مسبوقة، ومصدر فخر بالنسبة للمملكة، لأنها مستلهمة بشكل كبير من إرادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس".
وتميز هذا الاجتماع الموضوعاتي، بحضور أزيد من 85 مشاركا، وممثلي بلدان الشمال والجنوب، ومنظمات دولية، وكذا فاعلين من المجتمع المدني وأكاديميين.
وتمثل الهدف من الاجتماع في تعزيز قدرات المشاركين في مجال التدبير الإنساني للحدود، كما وفر فضاء لتبادل التجارب والممارسات الفضلى، وكذا من أجل تحديد التحديات المشتركة.
وتمحورت النقاشات خلال الاجتماع حول العديد من التيمات همت "المبادئ والخطوط التوجيهية الموصى بها في مجال حقوق الإنسان على الحدود"، و"تدبير المهاجرين والأشخاص في وضعية هشاشة على الحدود : تحديات ومقترحات التحسين والتعاون"، و"إيجاد توازن عادل بين الانشغالات الأمنية وحماية حقوق الإنسان للمهاجرين في وضعية هشاشة على الحدود"، و"تعاون فعال متعدد الأطراف كشرط مسبق للتدبير الإنساني للحدود : المنظور النيجيري".
المغرب يتوفر على مقاربة "متبصرة" و "مبتكرة" في مجال تدبير قضية الهجرة (مسؤولة دولية)
سلطت رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في المغرب، لورا بالاتيني، أمس الجمعة، بمراكش، الضوء على مقاربة المغرب "المتبصرة" و "المبتكرة"، في مجال تدبير قضية الهجرة.
وعبرت السيدة بالاتيني عن شكرها للحكومة المغربية على تنظيم الاجتماع الموضوعاتي، حول التدبير الإنساني للحدود، بمدينة مراكش، وذلك في إطار مسلسل الرباط، مشيرة إلى أن هذا الاجتماع شكل، أيضا، مناسبة للتعرف على الخطوات الكبيرة التي خطاها المغرب خلال السنوات الأخيرة، في مجال تدبير الهجرة.
واستشهدت، في هذا الاتجاه، بوضع، منذ 10 سنوات، الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، واصفة إياها بأنها "سياسة غير مسبوقة"، والتي لا يمكن للمملكة إلا أن تكون فخورة بها، لأنها مستلهمة بشكل كبير من إرادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
كما نوهت السيدة بالاتيني باختيار الموضوع الهام للتدبير الإنساني للحدود، الذي قالت إنه يوجد في صلب أولويات المنظمة الدولية للهجرة.
وأبرزت أهمية التعاون في مجال تدبير الهجرة، معتبرة أن "الأمر يتعلق الآن ببلورة سياسة سويا، وتقديم أجوبة لوضعيات الأزمة، ولكن أيضا للتدبير المنتظم للحدود تأخذ هذا المفهوم الجديد للتدبير الإنساني بعين الاعتبار".
وتميز هذا الاجتماع الموضوعاتي، الذي اختتمت أشغاله أمس، بعد يومين من النقاشات المكثفة، بحضور أزيد من 85 مشاركا، وممثلي بلدان الشمال والجنوب، ومنظمات دولية، وكذا فاعلين من المجتمع المدني وأكاديميين.
وتمثل الهدف من الاجتماع في تعزيز قدرات المشاركين في مجال التدبير الإنساني للحدود، كما وفر فضاء لتبادل التجارب والممارسات الفضلى، وكذا من أجل تحديد التحديات المشتركة.
أحداث مليلية في يونيو 2022 مرتبطة بمحاولات التشكيك في سياسة المغرب في مجال الهجرة واللجوء (خبير)
أكد المحامي والباحث في ملف الصحراء، نوفل البعمري، أن سياق الأحداث التي شهدتها مدينة مليلية في يونيو 2022 كان مرتبطا بمحاولات التشكيك في المجهودات التي يقوم بها المغرب في مجال الهجرة واللجوء وحقوق الإنسان.
وأوضح السيد البعمري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن عملية اقتحام مليلية من قبل مهاجرين غير شرعيين السنة الفارطة جاءت في إطار "الحرب التي تشن ضد المغرب من خلال استعمال أوراق الهجرة واللجوء وحقوق الإنسان" للتشكيك في المقاربة الحقوقية للمغرب الرامية إلى إدماج المهاجرين واللاجئين.
وأشار، في هذا السياق، إلى أن هذه الحرب انتهت بعكس ما أراده الخصوم، حيث تلقى المغرب في عز تلك الأزمة إشادة دولية و أممية بالدور الذي يقوم به صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا الإطار، وبالسياسة التي ينهجها المغرب في مجال محاربة الهجرة غير النظامية.
وأضاف البعمري أن المغرب نموذج في شمال إفريقيا على هذا المستوى، "عكس جيرانه الذين قاموا بممارسات لا إنسانية ضد المهاجرين السوريين بشكل خاص عندما تم دفعهم إلى الموت في الصحارى ولولا التدخل المغربي الإنساني العاجل لكانت الكارثة".
وعزا هذا التفوق إلى إصلاح المغرب لمنظومته التشريعية وملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالهجرة واللجوء، كما عمد الى إرساء بنية مؤسساتية قوية لمعالجة مختلف الإشكالات التي يطرحها هذا الملف المعقد.
من جهة أخرى، اعتبر الباحث في ملف الصحراء أن محاولات أطراف إقليمية استغلال مأساة المهاجرين غير الشرعيين، في إطار حربها ضد المصالح الحيوية للمغرب، تتوخى كذلك دفع المغرب إلى مواجهة مع أوروبا عموما وإسبانيا بشكل خاص للتأثير على إعادة العلاقة بين البلدين.
وشدد على أن انخراط المغرب في هذا الملف "مسؤول ولا ينطلق من كون المغرب دركي لأوروبا، بل ينبع عن التزامات متبادلة بين المغرب ودول الجوار".
يذكر أن مجموعة من المهاجرين غير القانونين المنحدرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، نظمت يوم 24 يونيو 2022، عملية اقتحام لمدينة مليلية المحتلة من خلال محاولة تسلق السياج الحديدي بين مدينتي الناظور ومليلية.
أحداث مليلية في يونيو 2022 .. المغرب حصل على براءة دولية وتعامله مع الاقتحام تم وفقا للقانون (خبير)
أكد الخبير في القانون الدولي، والقانون الدولي للهجرة وحقوق الانسان، صبري الحو، أن المغرب حصل على براءة دولية بشأن تعامله مع عملية اقتحام مليلية المحتلة في 2022، مبرزا أن صد الهجوم الجماعي للمهاجرين غير الشرعين تم وفق مقتضيات القانون.
وأبرز السيد صبري الحو، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأحكام القضائية الصادرة عن الغرف الجنائية بمحكمة الاستئناف بالناظور تؤكد هذه البراءة، حيث حملت الفاعلين والمشاركين والمساهمين المسؤولية عن الأحداث وحكمت بادانتهم وعقابهم.
وأضاف أن تدخل المغرب يتأطر ضمن حق الدولة وموظفيها المكلفين بتنفيذ وتطبيق القانون في إقليمها بغض النظر عن الفاعل، ولو كان فئة هشة على غرار المهاجرين أو اللاجئين، موضحا أن "الحماية تستند إلى قواعد وقوانين عامة في القانون الدولي والوطني، وتسري على الجميع سواسية دون تمييز بين المواطن وغيرهم من الفئات".
وحسب الخبير في القانون الدولي للهجرة وحقوق الانسان، فإن هذا "الهجوم المسلح والجماعي الذي تربص وترصد للهجرة خارج القانون، وخارج نقط العبور القانونية، ودون التوفر على وثائق السفر"، يعتبر فعلا إجراميا لأنه مخالف لقانون دخول واقامة المهاجرين بالمغرب.
من جهة أخرى، شدد على أن "استعمال العنف ضد قوات الأمن وإصابتهم بجروح وإصابات بليغة، وتلقي أوامر وتعليمات من جهات معادية للمغرب من أجل افتعال الهجوم والقيام به، يدخل في نطاق جريمة المس بأمن الدولة الداخلي والخارجي"، تبعا لخطورة الهجوم ونوايا المحرضين في المساس بمكانة المغرب كدولة اتخذت سياسة ذات بعد إنساني تجاه المهاجرين، من خلال تسوية أوضاعهم الادارية ومبادرات إدماجهم في النسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتعليمي.
وعلى صعيد آخر، اعتبر السيد الحو أن سوء القصد والنية متجه، كذلك، إلى خدش صورة المغرب والإيقاع بينه وبين الدول الإفريقية التي آمنت بمجهوداته في ميدان الهجرة، واعتبرت صاحب الجلالة الملك محمد السادس رائدا إفريقيا ووكيلا منتدبا للحديث باسم إفريقيا في الميدان".
وعزا ريادة المغرب في هذا المجال إلى الجهود الأمنية التي يبذلها، وكذا احتضانه لمؤتمر مراكش، الذي يجعل حقوق الإنسان والمهاجرين فوق كل اعتبار، في إطار معادلة المراكز بين دول المصدر، الاستقبال والعبور، وتشجيع الهجرة النظامية والمنتظمة من أجل تفادي الكوارث والمآسي التي تنتج عن الهجرة غير النظامية.
يذكر أن مجموعة من المهاجرين غير القانونين المنحدرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، نظمت يوم 24 يونيو 2022، عملية اقتحام لمدينة مليلية المحتلة من خلال محاولة تسلق السياج الحديدي بين مدينتي الناظور ومليلية المحتلة.
اقتحام مهاجرين سريين لمليلية المحتلة في يونيو 2022 فعل اجرامي مدبر ومكتمل الأركان (محلل سياسي)
أكد أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، عتيق السعيد، أن اقتحام مهاجرين سريين لمدينة مليلية المحتلة يوم 24 يونيو 2022، لم يكن آنذاك حدثا عاديا في سياق عفوي، وإنما كان فعلا اجراميا مدبرا ومكتمل الأركان.
وقال السيد السعيد، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذا الاقتحام كان ممنهجا بشكل دقيق من قبل أشخاص منظمين ومدربين سلفا بما مكنهم من التجمع أمام البوابات بشكل لم يكن طبيعيا اطلاقا أو حتى فوضويا بالشكل المتعارف عليه في التجمهرات العادية، بل كان مؤطرا ومتعمدا في تبنيه طريقة موحدة للهجوم وتجاوز الحدود بالقوة، والاندفاع والعنف المتكرر/المتعمد ضد السلطات الذي استمر ساعتين.
وشدد على أن هذه الأحداث تبرهن على أن الهجوم ارتكب باستغلال غطاء الهجرة غير الشرعية في حين أن الواقع يؤكد أن عملية تنفيذه بذاك العنف الشديد كان من قبل شبكات مافيا دولية منظمة تعمل في الاتجار بالبشر، وبالتالي لم يكن الهجوم بريئا حيث كانت وراءه عصابات مدربة على العمل الشبه عسكري، استغلت عوامل كثيرة من بينها ضعف الجزائر في حماية حدودها.
وأبرز المحلل السياسي الجهود الحثيثة التي قام بها المغرب من أجل تأمين الحدود وإيقاف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، والتحصين من مخاطر تسلل الشبكات والعصابات الاجرامية، والمنظمات الإرهابية التي باتت تنصهر في أشكال متعددة من الهجرة غير النظامية مستهدفة دولة إسبانيا وامتدادا منها لكل دول القارة الأوروبية.
وأكد أن "تدخل السلطات العمومية في أحداث مليلية تم في احترام للمقتضيات الدستورية والقانونية، وفي انسجام مع الآليات والاتفاقيات الدولية، وأيضا في احترام مبادئ حقوق الإنسان وكل التزامات المملكة في مجال اللجوء والهجرة.
وشدد على أن " أي محاولة خارج هذا الإطار لتحريف وتزييف الحقائق تبقى بعيدة عن الواقع، تستهدف تسفيه مجهودات المغرب لسنوات من أجل إدماج المهاجرين" ، موضحا أن المغرب استطاع التحول من منطقة عبور مؤقت إلى منطقة استقرار نهائي لعدد كبير من المهاجرين من دول جنوب الصحراء الذي تضاعف عددهم 4 مرات نتيجة ما يوفره المغرب من فرص ومقومات الاستقرار.
ولفت إلى أنه، وبقيادة جلالة الملك محمد السادس، أطلقت المملكة استراتيجية جديدة للهجرة واللجوء مكنت بشكل استثنائي من تسوية الوضعية القانونية لأزيد من 50 ألف مهاجر/ة غير نظامي ينحدرون من 112 دولة، عبر ثلاث مراحل متتالية تم من خلالها استقبالهم وفقا لروح التضامن والقيم الإنسانية المشهود بها للمملكة.
وأضاف أن كل هاته الجهود الملكية البناءة لفائدة المهاجرين جعلت الاتحاد الإفريقي يمنح جلالة الملك صفة رائد إفريقيا من أجل الهجرة، بالإضافة الى اعتبار المغرب شريكا موثوقا به لدى الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة.
إدارة الهجرة.. مقاربة المغرب الإنسانية، الإرادية والشاملة، مثال يحتذى بالنسبة لبلدان المنطقة (خبير قانوني إسباني)
أكد الخبير القانوني الإسباني، ميغيل أنخيل بويول، أن الإجراءات المعتمدة من طرف المملكة المغربية في مجال تدبير تدفقات الهجرة، والقائمة على مقاربة "إنسانية، إرادية وشاملة"، تشكل "مثالا يحتذى" بالنسبة لباقي بلدان المنطقة.
وقال السيد بويول في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، إن "المغرب، الذي يعاني من تداعيات الهجرة غير الشرعية باعتباره بلدا للعبور، يبذل جهودا جبارة من أجل مكافحة عصابات المافيات التي تنشط في الاتجار بالبشر، في حين أن بلدانا أخرى، من قبيل الجزائر، لا تتحمل مسؤولياتها في هذا الشأن".
وأشار الخبير الإسباني المتخصص في شؤون المنطقة المغاربية إلى أن المغرب، وعيا منه بالبعد الشامل ومتعدد الأبعاد لظاهرة الهجرة المنتظمة وغير النظامية، ما فتئ يبرهن على "المسؤولية، المصداقية والموثوقية" في محاربة المافيات التي أضحت أساليب عملها أكثر فأكثر عنفا، لافتا إلى أن إسبانيا تدرك على نحو أكبر الدور "الحاسم" الذي تضطلع به المملكة في إدارة الهجرة.
وقال إن "آليات التعاون بين المغرب وإسبانيا مكنت من إقامة شراكة متجددة مبنية على الثقة، تبادل المعلومات والتنسيق على أعلى مستوى"، موضحا أن النتائج النوعية المحصل عليها في هذا المجال، لاسيما الانخفاض الملموس في أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى السواحل الإسبانية، هي دليل ساطع على "التعاون الثنائي المثمر والناجح".
وتابع السيد بويول بالقول "إن المغرب، البلد الذي يفي بالتزاماته في إطار روح التضامن والإنسانية تجاه أصدقائه الأفارقة، هو شريك موثوق بالنسبة لإسبانيا وأوروبا"، مستنكرا أصوات بعض الأوساط المعادية التي لا تزال تعتنق مواقف عفا عنها الزمن بشأن إدارة الهجرة.
وشدد على أن "أولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن المغرب ليس ضحية للهجرة، وأنه لا يعاني من العواقب، يجب عليهم تحديث معطياتهم ومراجعة مواقفهم البعيدة عن الواقع"، مؤكدا أن عصابات المافيا تستغل "الإهمال" الذي أبدته دول أخرى في المنطقة لتنفيذ هجمات عنيفة ومنظمة، كما كان عليه الحال خلال الأحداث التي وقعت في 24 يونيو 2022 بالناظور.
وأضاف أن قوات الأمن المغربية والإسبانية تعاني من ضغوط يومية ودائمة من المافيات التي تستخدم أساليب عمل أكثر ابتكارا وأكثر عدوانية لتحقيق أهدافها، ما يؤكد الحاجة إلى دعم الجهود التي تبذلها البلدان من خلال موارد مالية وآليات أكثر فاعلية.
ولاحظ الخبير القانوني الإسباني أن "المغرب لا يمكنه بمفرده التحكم في ظاهرة دولية ذات وقع اقتصادي وبشري وسياسي. حيث أن مشاركة بلدان المنطقة، والالتزام على نحو أكبر من جانب الاتحاد الأوروبي والتعاون متعدد الأبعاد هي مفاتيح التقدم نحو إدارة أكثر رصانة لإشكالية الهجرة".
وبالنسبة للسيد بويول، فإن التعاون الثنائي بين إسبانيا والمغرب يسفر عن نتائج لافتة بفضل الإجراءات المشتركة التي تم تنفيذها على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، والرغبة في المضي قدما في هذا التعاون متعدد القطاعات.
وخلص إلى أنه، ومع ذلك، فإن البعد متعدد الأوجه لظاهرة الهجرة يتطلب استجابة شاملة، متضامنة ومندمجة من قبل مجموع المتدخلين الأفارقة والأوروبيين.
بالنسبة للمغرب، تعتبر إدارة تدفقات الهجرة أولوية جيوسياسية رئيسية (الشرقاوي الروداني)
أكد الشرقاوي الروداني، الأكاديمي والخبير في الجيواستراتيجية والأمن، أن إدارة تدفقات الهجرة تعتبر بالنسبة للمغرب أولوية جيوسياسية رئيسية، وهي ضرورية لأمنه ولاستقرار منطقة شمال البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف السيد الروداني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمحاولة الاقتحام الجماعية التي نفذتها مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا جنوب الصحراء في 24 يونيو 2022 لمدينة مليلية المحتلة، أضاف أن هذه قناعة نابعة من إرادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس في المساهمة في تعزيز منطقة البحر الأبيض المتوسط لتتحول إلى فضاء جيوسياسي متماسك ومستدام ومستقر.
وأشار في هذا الصدد إلى الاستقبال الإيجابي الذي أبداه المجتمع الدولي لمبادرات جلالة الملك الإنسانية لصالح اللاجئين من مختلف الجنسيات المتواجدين على الحدود الليبية التونسية، مذكرا بإطلاق المغرب للعديد من عمليات تسوية أوضاع المهاجرين، كدليل على روح التضامن والتشبع بالقيم الإنسانية.
وقال إن هذه الإجراءات تهدف إلى السماح لهؤلاء الرجال والنساء، والذين عانوا منذ فترة طويلة من أوضاع إقامة غير شرعية بالعيش بكرامة، مشيرا الى أن معدل التحاق الأطفال اللاجئين بالمدارس في المغرب يبلغ 90 في المائة متجاوزا بذلك المتوسط العالمي.
وأشار الشرقاوي الروداني إلى أنه في منطقة البحر الأبيض المتوسط المبتلاة بالصراعات والتوترات الجيوسياسية، من الضروري أيضًا التأكيد على أهمية المغرب والدور الذي يلعبه في الديناميكيات الجيوسياسية للهجرة في الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.
وقال إن جغرافية المملكة تلعب دورًا رئيسيًا في الجغرافيا السياسية للهجرة في حوض البحر الأبيض المتوسط، موضحًا أنه لهذا السبب التزم المغرب بشكل تام بالتعاون الوثيق مع الاتحاد الأوروبي في قضايا الهجرة والأمن.
وفي هذا السياق، قال السيد الروداني إنه تم إبرام اتفاقيات لتعزيز إدارة تدفقات الهجرة ومكافحة تهريب المهاجرين وتنـظيم الهجرة الشرعية والآمنة، موضحًا أن هذا التعاون يهدف إلى ضمان أمن الجميع ومنع تدفقات الهجرة غير الشرعية. ولتحقيق ذلك، يبذل المغرب جهودا بشرية ومادية ومالية كبيرة للسيطرة على تدفقات الهجرة غير الشرعية على أراضيه، كما ينفذ عمليات لمكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، ويقوم بانتظام بتفكيك الشبكات الإجرامية للهجرة والاتجار في البشر.
وأشار إلى أن السلطات المغربية عززت بشكل كبير من تواجدها على الحدود، واتخذت إجراءات أمنية لمنع محاولات العبور غير الشرعي إلى أوروبا، كما كثفت من جهودها لمنع الاقتحامات لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وعززت من أمن الحدود في مختلف بؤر عبور المهاجرين.
وبالنسبة للسيد الروداني، فمن المهم التأكيد على أن المغرب لا يقتصر تعاونه فقط على الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، إذ تجمع المملكة شراكات إقليمية ودولية بهدف مواجهة تحديات الهجرة، وفي هذا الخصوص تتعاون المملكة بشكل فعال مع منظمات مثل المنظمة الدولية للهجرة، كما تشارك في مبادرات إقليمية، مثل مسار الرباط المعروفة باسم الحوار الأورو إفريقي حول الهجرة والتنمية.
وأضاف أنه من خلال الجمع بين الدول الأوروبية والأفريقية، فضلا عن مؤسسات مثل المفوضية الأوروبية وتجمع بلدان غرب إفريقيا (إيكواس)، ساعد المغرب في تعزيز الحوار والتعاون اللازمين لمعالجة هذه القضية الحاسمة.
وندد الأكاديمي من جهة أخرى باستراتيجية الجزائر لزعزعة الاستقرار التي تستهدف العلاقات الثنائية بين المغرب والاتحاد الأوروبي من جهة، ومع إسبانيا من جهة أخرى، والتي تهدف إلى تعطيل هذه الشراكة الاستراتيجية في مجال الهجرة.
وقال إنه لتحقيق هدفها، تستخدم الجزائر تقنيات للتلاعب بالمهاجرين غير الشرعيين ونشر معلومات كاذبة وترويج الشائعات، مشيرًا إلى أن هذه الأساليب التضليلية وضعت بهدف إضعاف صورة المغرب والتأثير على علاقاته الثنائية، لا سيما مع إسبانيا والاتحاد الاوروبي.
المغرب في الطليعة في مجال تدبير قضايا الهجرة (مسؤول بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا)
أكد المكلف ببرنامج الهجرة بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، دانغو إسماعيلا، اليوم الجمعة، بمراكش، أن المغرب، تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوجد في الطليعة في مجال تدبير قضايا الهجرة.
وأوضح السيد دانغو، وهو أيضا منسق صندوق المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا/إسبانيا حول الهجرة والتنمية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش مشاركته في الاجتماع الموضوعاتي حول التدبير الإنساني للحدود، الذي اختتمت أشغاله بالمدينة الحمراء، أنه "بفضل الجهود الدؤوبة التي يقوم بها المغرب من أجل تدبير إنساني لقضية الهجرة، لا نتردد أبدا في تعيين المملكة ك'بطل' في هذا المجال بإفريقيا".
وفي هذا الاتجاه عبر عن غامر سعادته بالمشاركة في هذا الاجتماع، الذي عقد في إطار مسلسل الرباط، مشيرا إلى أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، كمنظمة دولية تدعم بشكل كامل مسلسل الرباط، الذي يوفر فضاء للحوار الجامع والمحادثات حول تيمات ذات راهنية ومهمة جدا بخصوص حكامة الهجرة.
وقال "يمكننا مسلسل الرباط من التبادل حول العديد من القضايا المرتبطة بالوسائل التي يتعين تفعيلها من أجل تحسين الهجرة، وكيفية استغلال الفرص التي تتيحها الهجرة من أجل إعطاء دفعة للتنمية، واستجلاء كيف يمكن أن نجعل، اليوم، حدودنا أكثر إنسانية".
وأوضح أن الأمر يتعلق، أيضا، بـ"محادثاتنا، وأخذ المهاجر بعين الاعتبار، عبر احترام حقوقه الأساسية وكرامته، والتحرك بطريقة تجعل الحدود أكثر 'ترحيبا' بالنسبة للمهاجرين. تحقيقا لغاية تتجلى في ألا يحس هؤلاء بأنهم 'منسيون' وبمستطاعهم التعبير أيضا بكل حرية".
وبخصوص تيمة هذا الاجتماع، ذكر بأن التدبير الإنساني للحدود يكتسي أهمية قصوى، مضيفا أن المغرب في الطليعة في ما يتصل بتدبير قضايا الهجرة.
وتميز هذا الاجتماع الموضوعاتي، الذي انعقد على مدى يومين، بحضور أزيد من 85 مشاركا، وممثلي بلدان الشمال والجنوب، ومنظمات دولية، وكذا فاعلين من المجتمع المدني وأكاديميين.
وتمثل الهدف من اللقاء في تعزيز قدرات المشاركين في مجال التدبير الإنساني للحدود، كما وفر فضاء لتبادل التجارب والممارسات الفضلى، وكذا من أجل تحديد التحديات المشتركة.
مراكش.. المغرب يقترح بلورة ميثاق جهوي حول التدبير الإنساني للحدود
اقترح المغرب، أمس الخميس، بمراكش، بلورة ميثاق جهوي حول التدبير الإنساني للحدود.
وعبرت المملكة عن هذا الاقتراح في افتتاح أشغال الاجتماع الموضوعاتي حول التدبير الإنساني للحدود، المنعقد في إطار مسلسل الرباط، الذي يتولى رئاسته المغرب خلال سنة 2023.
وتجدر الإشارة إلى أن مسلسل الرباط هو إطار الحوار الجهوي الذي يجمع 57 بلدا من الشمال والجنوب، ويتمحور حول الهجرة والتنمية والحماية.
وتندرج بلورة هذا الميثاق الجهوي حول التدبير الإنساني للحدود ضمن استمرارية الرؤية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، من أجل إرساء استراتيجية إنسانية للهجرة دامجة وتضامنية، تجعل من احترام الحقوق والكرامة الإنسانية للمهاجر عماد حكامة الهجرة.
ويتماشى اقتراح المملكة تماما مع ريادة جلالة الملك على الصعيد القاري، مع العديد من المبادرات القوية والجريئة والتي طبعت حكامة الهجرة جهويا ودوليا، من قبيل الأجندة الافريقية حول الهجرة، والمرصد الافريقي للهجرة.
كما تجسد نهجا يقطع مع الخطابات المتحاملة، التي تضع المهاجر ضمن منطق للتجريم.
وقال الوالي مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية، السيد خالد الزروالي، في كلمة بالمناسبة، إن "مسلسل الرباط يشكل اليوم مصدر فخر، يجمعنا بصفتنا أعضاء وفاعلين في إطار هذا الحوار الرائد، والذي يبرهن على النضج الذي وصل إليه هذا العمل الجهوي الجماعي".
وأكد السيد الزروالي، أيضا، أن "التدبير الإنساني للحدود بمفهومه الواسع، هو مفهوم مبتكر، يتوخى احترام كافة الحقوق الكونية المعترف بها لفائدة المهاجرين، وذلك بغض النظر عن المساطر الأخرى، التي تتم على مستوى الحدود، والإجراءات المعتمدة لمكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر".
وقال إن "تحقيق الحكامة على مستوى الهجرة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر أنسنة تدبير الحدود، ومكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر"، مسجلا أنه "بفضل الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، احتل البعد الإنساني مركزا محوريا في تدبير ملف الهجرة، وأضحى يعتبر من أهم الرهانات الأساسية للاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء".
وتابع أن "الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء تضع من بين أولوياتها، كذلك، تقوية مراقبة الحدود، ومحاربة شبكات تهريب المهاجرين، إذ إن تحقيق هذه الأولويات يستوجب تعاونا فعالا بين كافة الدول".
وبخصوص موضوع التدبير الإنساني للهجرة، اعتبر السيد الزروالي أنه "آن الأوان لرفع مستوى سقف طموحنا، عبر جعل مسلسل الرباط مرجعا في حكامة الهجرة الدولية".
وخلص الوالي إلى أن من شأن بلورة هذا الميثاق أن "يقوي المعايير المعتمدة حاليا، ويستلهم من التجارب الميدانية لنا جميعا، ويأخذ بعين الاعتبار الأولويات القانونية والأخلاقية والإنسانية".
ويتميز هذا الاجتماع الموضوعاتي، المنعقد على مدى يومين، بحضور أزيد من 85 مشاركا، وممثلي بلدان الشمال والجنوب، ومنظمات دولية، وكذا فاعلين من المجتمع المدني وأكاديميين.
ويتمثل الهدف من الاجتماع في تعزيز قدرات المشاركين في مجال التدبير الإنساني للحدود، وسيوفر فضاء لتبادل التجارب والممارسات الفضلى، وكذا من أجل تحديد التحديات المشتركة.
وتتمحور النقاشات خلال الاجتماع حول العديد من التيمات تتعلق ب"المبادئ والخطوط التوجيهية الموصى بها في مجال حقوق الإنسان على الحدود"، و"تدبير المهاجرين والأشخاص في وضعية هشاشة على الحدود : تحديات ومقترحات التحسين والتعاون"، و"إيجاد توازن عادل بين الانشغالات الأمنية وحماية حقوق الإنسان للمهاجرين في وضعية هشاشة على الحدود"، و"تعاون فعال متعدد الأطراف كشرط مسبق للتدبير الإنساني للحدود : المنظور النيجيري".
مكافحة الهجرة غير الشرعية : جهود المغرب بالأرقام
ترتكز حكامة الهجرة في المغرب على مقاربة شاملة ومتعدد الأبعاد تهدف، من خلال تأكيدها على احترام حقوق المهاجر وكرامته، إلى أن تكون فعالة واستباقية في مكافحة شبكات المافيا والاتجار بالبشر.
في ما يلي معطيات بالأرقام عن الجهود الجبارة التي تبذلها المملكة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية.
- إجهاض أزيد من 360 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية منذ سنة 2017 .
- منذ سنة 2018 استفاد أزيد من 8100 مواطن إفريقي من عمليات العودة الطوعية التي تنظمها وتمولها وزارة الداخلية سواء عن طريق البر أو الجو.
- إعادة 2400 شخص سنة 2021 وأزيد من 1100 شخص سنة 2020، وذلك في إطار برنامج العودة الطوعية.
- إنقاذ البحرية الملكية المغربية ما يقرب من 15 ألف شخص في البحر في سنة 2021 و2384 شخصا في 2022.
- تفكيك 1300 شبكة خلال السنوات الخمس الأخيرة فقط .
- توقيف 32 ألف و733 مرشحا للهجرة غير الشرعية، من بينهم 28 ألف و146 من جنسيات أجنبية مختلفة.
- تفكيك 92 شبكة إجرامية، وتوقيف 566 منظما ووسيطا، بنسبة زيادة فاقت 36 بالمائة مقارنة مع سنة 2021 ، التي عرفت توقيف 415 منظما للهجرة السرية.
- بلغت وثائق السفر وسندات الهوية المزورة المحجوزة خلال محاولات الهجرة غير النظامية 832 وثيقة، فضلا عن حجز 193 قاربا و156 محركا بحريا و61 ناقلة استخدمت في تنظيم عمليات الهجرة.
- تسوية أوضاع حوالي 50 ألف مهاجر بفضل العملية الاستثنائية لتسوية أوضاع المهاجرين في المغرب ، التي أجريت في عامي 2014 و 2017.
الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا.. إجهاض 366 ألف محاولة خلال السنوات الخمس الماضية، منها 70 ألف و781 محاولة برسم سنة 2022 (وزارة الداخلية)
أفادت معطيات لوزارة الداخلية بأن السلطات المغربية تمكنت على مدى السنوات الخمس الماضية من إجهاض حوالي 366 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، فيما يصل هذا الرقم إلى 70 ألف و 781 محاولة أُحبطت برسم سنة 2022، و 25 ألف و519 عند متم شهر ماي 2023.
ووفقا للمعطيات ذاتها، فقد همّت عمليات الإنقاذ في عرض البحر حوالي 90 ألف مهاجر خلال السنوات الخمس الماضية، بينما بلغ العدد برسم سنة 2022 ما مجموعه 12 ألف و 478 مهاجرا، مقابل 3150 عند متم شهر ماي الماضي.
وفيما يخص تفكيك الشبكات الإجرامية التي تنشط في الاتجار بالمهاجرين، أوضح المصدر ذاته أن العدد بلغ 290 شبكة إجرامية سنة 2022، فيما تم تفكيك 117 شبكة إلى غاية متم ماي 2023، مما يرفع العدد الإجمالي للشبكات التي تم تفكيكها خلال السنوات الخمس الماضية إلى 1500.
وفي ما يتعلق بمحاولات اقتحام سبتة ومليلية التي أحبطتها السلطات المغربية، تفيد معطيات وزارة الداخلية بأنها بلغت حوالي مائة محاولة مُجهضة خلال السنوات الخمس الماضية، تورط فيها حوالي 17 ألف و500 شخص، مشيرة إلى أنه برسم سنة 2022 فقط، بلغ عدد محاولات اقتحام السياج الحديدي لسبتة ومليلية، 16 محاولة مقابل محاولة وحيدة خلال الخمسة أشهر الأخيرة من السنة الجارية، وذلك بفضل تعزيز جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.
- خلال هذه العملية تم تسجيل مصرع 5 من بين المقتحمين جراء تدافعهم وسقوط بعضهم من أعلى السياج، وإصابة 76 آخرين ، من بينهم 13 إصابة بليغة.
- تم نقل كافة المصابين، سواء في صفوف القوات العمومية أو من بين المقتحمين، إلى مستشفيات بمدينتي الناظور ووجدة.
- في وقت لاحق من اليوم ذاته أفادت السلطات المحلية بأن 13 من المهاجرين غير الشرعيين الذين كانوا ضمن تعداد المصابين لقوا مصرعهم، لترتفع بذلك حصيلة الوفيات في صفوف المقتحمين إلى 18 وفاة.
- لم يتم تسجيل أية حالة وفاة في صفوف القوات العمومية.
25 يونيو 2022
- أعلنت السلطات المحلية أن اثنين من أفراد القوات العمومية، و33 من المقتحمين، يتواجدون تحت المراقبة الطبية بكل من الناظور ووجدة، موضحة أن حالتهم الصحية "مستقرة".
- أفادت السلطات المحلية، في وقت لاحق، بتسجيل خمس حالات وفاة بين صفوف المقتحمين، لترتفع بذلك حصيلة الوفيات إلى 23 شخصا.
27 يونيو 2022
- المجلس الوطني لحقوق الإنسان يحدث لجنة استطلاعية بشأن الأحداث المرتبطة بمحاولة اقتحام السياج الحديدي، ويؤكد أنه " تم نشر صور وفيديوهات لا علاقة لها بمحاولة عبور المهاجرين تتضمن تضليلا ومعطيات غير حقيقية ".
29 يونيو 2022
- رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، يدعو إلى تقديم الدعم للمغرب الذي يعاني من تداعيات ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وأنه ينبغي " مساعدته في التصدي لمافيات الاتجار بالبشر والتحكم في تدفقات الهجرة".
02 يوليوز 2022
-وزير الإدماج والأمن الاجتماعي والهجرة الإسباني، خوسي لويس إسكريفا، يؤكد أن المغرب يواجه "وضعا معقدا للغاية" في مواجهة مافيات الهجرة غير الشرعية والتحكم في تدفقات الهجرة.
04 يوليوز 2022
- المفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية، إيلفا يوهانسون، تؤكد، أمام البرلمان الأوروبي بستراسبورغ، أن المغرب يعد شريكا "استراتيجيا محوريا" بالنسبة للاتحاد الأوروبي ويضطلع بدور "رئيسي" في تدبير الهجرة والتصدي للمهربين. كما أوضحت أن الأشخاص المتورطين في أحداث الناظور "قدموا من السودان ومروا عبر ليبيا والجزائر".
07 يوليوز 2022
-الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، يؤكد أن عملية اقتحام السياج الحديدي على مستوى إقليم الناظور، كان "مدبرا ومخططا لها، ونفذت بشكل مدروس خارج عن الأساليب المألوفة في محاولات الاقتحام".
09 يوليوز 2022
-عناصر الشرطة بولاية أمن طنجة تتمكن من توقيف 25 مرشحا للهجرة ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، على مستوى نقطة للمراقبة المرورية بمدخل مدينة طنجة فور وصولهم على متن حافلة للنقل العمومي، وهم في حالة تلبس بحيازة 36 أداة حديدية مصنوعة بشكل تقليدي ويشتبه في استخدامها في عمليات الهجرة الجماعية عن طريق التسلق.
09 يوليوز 2022
-عناصر الشرطة بولاية أمن طنجة تتمكن من حجز 138 أداة حديدية موصولة بنصل خشبي وآخر مطاطي، يشتبه في استخدامها في عمليات التسلق والاقتحام المنجزة في إطار المحاولات الجماعية للهجرة غير الشرعية.
13 يوليوز 2022
-رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقدم الخلاصات الأولية للجنة الاستطلاع التي تم إحداثها من قبل المجلس، وتؤكد بأن "السلطات والجمعيات غير الحكومية والمهاجرين المصابين الذين تم نقلهم إلى المستشفى، أكدوا بالإجماع أنه لم يتم اللجوء إلى استعمال الرصاص وأن قوات حفظ النظام استخدمت الهراوات والغاز المسيل للدموع".
- الوفيات المسجلة نجمت عن الاختناق الناجم عن التدافع وتكدس عدد كبير من الضحايا في الباحة الضيقة للمعبر المغلقة بإحكام، حسب رئيسة المجلس.