إعداد.. عبد النعيم سعيد
فأمام ارتفاع درجات الحرارة التي يعرفها فصل الصيف هذه السنة، تفضل الكثير من الأسر المغربية، سواء من أفراد الجالية المقيمة بالخارج أو "مغاربة الداخل"، وعدد من السياح الأجانب الوافدين إلى المغرب لقضاء العطلة الصيفية، الاستمتاع بالمعالم الطبيعية الخلابة التي تزخر بها المملكة، من عيون وشلالات وأنهار وبحيرات وسهول وجبال.
والأكيد أن الموقع الجغرافي المتميز للمغرب يجعله يتوفر على مؤهلات ومناظر طبيعية فريدة وخلابة، تجعله ملاذا مفضلا لكل من يعشق الهدوء وجمال الطبيعة، وكذا وجهة بارزة لهواة رياضة تسلق الجبال، من السياح المغاربة والأجانب.
وتشكل جبال الأطلس مصدر جذب للسياح المحليين والأجانب على حد سواء، حيث تضم مناطق سياحية متعددة، معروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة، تقدم للمصطافين شلالات وعيون، نابعة من نهر أم الربيع، أحد أكبر أنهار المغرب، مثل شلالات أوزود الشهيرة في إقليم أزيلال (أعلى الشلالات المائية في شمال إفريقيا)، التي يقصدها آلاف السياح مغاربة وأجانب على مدار السنة، للاستمتاع بسحرها الطبيعي.
وتتميز هذه الشلالات بمناخها المعتدل، ومناطقها الخضراء، وأشجارها المتنوعة، ما يجذب الزوار للاستمتاع بلحظات من السكينة والطمأنينة. وقد سبق لها أن حصلت على شهادة التميز من موقع السفر الشهير "Tripadvisor"، كإحدى أكثر الوجهات الطبيعية زيارة.
من جانبه، يعد منتجع أوريكا من أشهر المنتزهات الطبيعية بالمغرب، نظرا لطقسه المعتدل خلال فترة الصيف، ومناظره الساحرة من مجاري مائية وسهول خضراء، ومن أنهار متدفقة، وشلالات يختارها المصطافون طلبا للاسترخاء والتأمل في الطبيعة، نذكر منها نهر أوريكا وشلالات "ستي فاضمة"، وواد أوريكا وكذا جبال أوكايمدن، التي تجعل من المنطقة متنفسا طبيعيا للمغاربة ولزائري المملكة من الخارج، خلال فصل الصيف.
وتعتبر بحيرة بين الويدان، هي الأخرى، من المناطق الجبلية السياحية البارزة، التي تجذب السياح خلال هذه الفترة من السنة، حيث تمتاز بالهدوء والجو الجميل بين أحضان الطبيعة، وتنوع نشاطاتها السياحية، مثل ممارسة هواية الصيد ومختلف الرياضات المائية.
وفي هذا الإطار، ذكر رئيس جمعية "سمنيد" للتنمية الاجتماعية، والفاعل الجمعوي في مجال السياحة الإيكولوجية بإقليم أزيلال، عمر مجان، أن المغرب يتوفر على ما يكفي من المؤهلات الطبيعية الرائعة، التي تجعل منه وجهة عالمية لهواة السياحة الجبلية والإيكولوجية.
وأوضح، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن السياحة تعد رافعة اقتصادية مهمة لتنمية العديد من المناطق الجبلية في المغرب، "أذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر منطقة أزيلال، حيث تعتبر السياحة من أهم ركائز الاقتصاد المحلي".
وحول إقليم أزيلال أيضا، الذي يعد وجهة سياحية جبلية عالمية، بتنوع تضاريسه ومناطقه الإيكولوجية المتميزة، على غرار المنتزه الجيولوجي العالمي "جيوبارك مكون"، قال الفاعل الجمعوي إن الإقليم يراهن كثيرا على السياحة الجبلية، "لأنها رافد أساسي للنهوض بالاقتصاد المحلي، من خلال استقطاب السياح من هواة الطبيعة، من المغرب ومن الخارج".
وذكر، في هذا السياق، أن احتضان الإقليم للمنتدى الدولي العاشر للمنتزهات الجيولوجية، بمنتزه "جيوبارك مكون" العالمي، خلال شهر شتنبر المقبل، بمشاركة أكثر من ألف مشارك من خمسين دولة مختلفة يمثلون القارات الخمس و195 منتزه جيوبارك حول العالم، "سيساعد على استقطاب السياح إلى المنطقة، والترويج أكثر للسياحة الجبلية".
ودعا إلى ضرورة تعزيز البنيات التحتية في بعض المناطق الجبلية الزاخرة بالمؤهلات الطبيعية، الكفيلة بجعلها وجهات سياحية عالمية بامتياز، على غرار منطقة أوزود، التي تعززت بفنادق ضخمة وصديقة للبيئة.
من جانبه، يعتبر الزبير بوحوت، الخبير في مجال السياحة، أن المناطق الجبلية تتميز على نظيرتها الساحلية بعرضها السياحي الذي يمتد طيلة السنة، موضحا أن الشواطئ تشهد ذروتها خلال فصل الصيف، حيث يقصدها المصطافون للاستمتاع بمياه البحر أمام درجات الحرارة المرتفعة، في حين أن المناطق الجبلية، بالمقابل، تتمتع بجمال الطبيعة والمناظر الخلابة طوال السنة، وهو عامل أساسي يجذب السائح إليها.
وأشار بوحوث، في تصريح مماثل إلى أن السياحة في المناطق الجبلية مرت من مرحلة ركود خلال فترة إغلاق الحدود المرتبطة بتداعيات جائحة كوفيد-19، لكنها سرعان ما استعادت عافيتها، و"باتت تعرف منذ فصل الربيع الماضي انتعاشا ملحوظا، بفضل عودة السياح الأجانب وإعادة فتح الحدود".
وكانت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، قد كشفت مؤخرا، أن ما يقرب من 2.9 مليون سائح زاروا البلاد خلال الربع الأول من السنة الجارية، أي بزيادة نسبتها 17 في المائة مقارنة بسنة 2019، وارتفاع قوي نسبته 464 في المائة مقارنة بـ 2022.
ومن شأن هذه المؤشرات الإيجابية أن تسهم في زيادة الإقبال على المناطق الجبلية خلال الفترة الصيفية، باعتبارها متنفسا طبيعيا لا محيد عنه بالنسبة للباحثين عن لحظات انتشاء في كنف الطبيعة.