وناقش المشاركون في الندوة، المنظمة على هامش الدورة الـ 44 للموسم الثقافي الدولي بأصيلة، بالتعاون مع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، مسألة تسريع تحول الطاقة في أوروبا بسبب النزاع في أوكرانيا وسبل تطوير إنتاج الطاقات المتجددة من أجل تنمية أكثر استدامة.
وفي حديثها بهذه المناسبة، أشارت الخبيرة الاقتصادية في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، عفاف زرقيق، إلى أنه على عكس سوق النفط المعولم، فإن سوق الغاز الطبيعي له طبيعة إقليمية، وأن السوق الأوروبية تأثرت بشدة بالحرب في أوكرانيا، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي يعتمد على الغاز الروسي ويتعين عليه تغيير الباراديغمات في تدبير العقود المتعلقة بتوريد الغاز الطبيعي.
وأبرزت أن الاتحاد الأوروبي بدأ أيضا ب "تغيير الوجهة"، من خلال تنويع موردي الغاز، بما في ذلك من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلال تسريع تحول الطاقة، عبر الاستثمار في مشاريع مرتبطة بالطاقات المتجددة، لا سيما في شمال إفريقيا، مشيرة إلى أنه تم إنشاء مشاريع خطوط الربط لتصدير الكهرباء، مثل المشروع الذي تم إطلاقه في تونس.
من جانبها، أكدت المتخصصة في العلاقات الدولية بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، صابرين عمران، أن القارة الأفريقية تمتلك موارد كبيرة في الطاقات الأحفورية والمتجددة، موضحة أن الطاقات الأحفورية لها آثار ضارة على صحة الأفارقة وعلى البيئة، مما قد يتسبب في أضرار وخسائر بشرية ومالية كبيرة على المدى الطويل.
وتابعت أن أفريقيا تواجه أيضا تحديات فيما يتعلق بتحول الطاقة، التي تعني بشكل خاص القارة، ولا سيما التحديات المرتبطة بالاستثمار، خاصة وأن أفريقيا لا تستقطب إلا نحو 3 % من الاستثمارات في مجال التحول الطاقي، فضلا عن التحديات المتعلقة بنقص وضعف البنية التحتية، بالإضافة إلى الرهانات ذات الطبيعة الاجرائية والتنظيمية، التي لا يمكن أن يكون لها حل عالمي، معتبرة أن الحلول يجب أن تتكيف مع السياق الأفريقي.
وفي السياق ذاته، أبرزت عمران ضرورة التعاون النشط بين البلدان الأفريقية، مما سيسمح لها بالاستفادة من موارد وخبرات بعضها البعض بطريقة تكاملية، مشيرة إلى أنه يجب على أفريقيا أن تسعى إلى إيجاد طرق تمويل مبتكرة تعتمد على أسس جديدة بين القطاعين العام والخاص لإنجاح تحولها الطاقي.
من جانبها، أكدت الزميلة الأولى بمركز السياسات من اجل الجنوب الجديد، منية بوستة، أن الصراع في أوكرانيا أظهر اهتمام الاتحاد الأوروبي بتنويع مصادر الطاقة، من خلال التركيز أكثر فأكثر على الطاقات المتجددة، مضيفة أن هذه الاستراتيجية تخلق سوقا جديدة، فضلا عن فرص جديدة لأفريقيا، التي لديها إمكانات كبيرة.
وأضافت أن المغرب تمكن من اغتنام هذه الفرصة من خلال التوجه نحو تطوير الهيدروجين الأخضر، بصفته منتجا بديلا، خاصة في القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها، مشيرة إلى أن الهيدروجين الأخضر لا يزال في مرحلة المشروع التجريبي والذي يحتاج إلى تطوير، من خلال تحفيز الطلب والاستثمار في البنية التحتية لتقوية القدرة التنافسية لهذا المورد.
واعتبرت منية بوستة أن هذه الاستثمارات يجب أن تكون مدعومة بالبنيات التحتية والابتكار التكنولوجي، لأن الأمر لا يتعلق فقط بانتقال الطاقة، بل أيضا باستغلال هذا المورد بهدف خلق نظام بيئي تنموي.
وتتطرق هذه الدورة من موسم أصيلة الثقافي الدولي وجامعة المعتمد بن عباد المفتوحة، المنعقدة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بمبادرة من مؤسسة منتدى أصيلة بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبلدية أصيلة إلى غاية 26 أكتوبر الجاري، من خلال سلسلة من الندوات وجلسات النقاش إلى مواضيع وقضايا راهنة، بمشاركة 300 شخصية ومتحدث رفيع المستوى.