ولئن كان هذا الأسبوع رفيع المستوى، الذي تستضيفه الجمعية العامة للأمم المتحدة سنويا، يتميز بمناقشة القضايا الراهنة في ظرفية تتسم بعدم اليقين، فإنه يعد بالنسبة للكثيرين من سكان نيويورك، على غرار جون، حدثا يؤرق بالهم ويعكر صفو الحياة اليومية في هذا الجزء الحيوي من الحاضرة الأمريكية.
يتم اتخاذ إجراءات صارمة لضمان سلامة المسؤولين السامين الذين يشاركون في قمة الأمم المتحدة، تشمل إغلاق الشوارع، والاحتجاجات المستمرة، وضجيج المروحيات وسيارات الشرطة. ليضطر بذلك العديد من سكان مانهاتن إلى التحلي بالصبر، فيما يخطط آخرون لخيارات استباقية مثل السفر.
تشير قناة "سي بي إس نيوز" إلى أن "هذه التدابير تعقد حركة المرور بالنسبة للعمال والسكان والسائقين"، مسجلة أن السلطات المحلية تناشد سكان نيويورك استخدام وسائل النقل العمومي في هذه الفترة.
يتزامن هذا الوضع مع تسجيل المدينة لأكبر زيادة في عدد السيارات، حيث بلغت الازدحامات المرورية ذروتها في الولايات المتحدة منذ جائحة كوفيد-19. ينضاف إلى ذلك أن حاكمة ولاية نيويورك، كاثي هوكول، قررت تعليق مشروع كان من شأنه تقليل ازدحام حركة المرور في مانهاتن. والذي كان سيتم بموجبه إلزام السائقين بدفع رسوم لاستخدام المحاور الطرقية في نيويورك.
"كابوس" آخر يواجه السكان، لاسيما وأن جودة وسائل النقل العمومي في المدينة لا تحظى بالتقدير. ففي الصيف الأخير، سجل مترو نيويورك تأخيرات في خدماته بنسبة 50 في المائة أكثر من العام الماضي، وفقا للإحصاءات الرسمية.
وبحسب وكالة (بلومبرغ) الإخبارية، فإن نظام المترو، الذي يعود تاريخه لقرون، في حاجة ماسة إلى الإصلاح، غير أن تكاليف تجديده لا تزال باهظة. في الوقت الراهن، تسعى هيئة النقل المحلية إلى استثمار 65.4 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، لتجديد شبكة القطارات والمحطات، بيد أن نصف الميزانية المقترحة يفتقر إلى مصدر مؤكد للتمويل.
وأشارت وكالة بلومبرغ إلى أن شتنبر الجاري شهد صعوبات على مستوى حركة المرور في نيويورك. إذ تسبب حادث، وقع في نفق "لينكولن" الأسبوع الماضي، في تأخير حافلات "نيو جيرسي ترانزيت" لمدة 90 دقيقة، مما فاقم حدة الاختناقات المرورية التي تسبب فيها زوار معرض "أسبوع الموضة في نيويورك".
وعلى الرغم من كافة الصعوبات التي تتفاقم نتيجة الإجراءات المتخذة في إطار الدورة السنوية للجمعية العامة الأممية، إلا أن الأصوات تتعالى من أجل دعم حسن انعقاد هذا الحدث العالمي الذي يجمع قادة العالم لمناقشة قضايا حاسمة. إذ أوضح أحد كبار مسؤولي إدارة النقل أن "الجمعية العامة للأمم المتحدة حدث هام يفخر به سكان المدينة كل سنة، لكن ينبغي على سكان نيويورك المساهمة في تقليل الازدحام المروري واعتماد أنماط بديلة للتنقل".
في السياق ذاته، اعتبر إدوارد ميرملشتاين، مفوض مكتب عمدة نيويورك، في مقال افتتاحي، أن الأسبوع الأممي رفيع المستوى يجلب للمدينة امتيازات تتفوق على الاضطرابات الناتجة عن الازدحام لبضعة أيام. وأشار إلى تقرير يُظهر أن نيويورك تحقق مكاسب سنوية تزيد عن ثلاثة ملايير دولار، موضحا أن هذا الرقم تجاوز أربعة ملايير دولار في 2023.
وأضاف أن هذه الفترة من السنة تشهد زيادة كبيرة في حجوزات الفنادق، كما تشهد المطاعم والشركات الصغيرة انتعاشا ملحوظا بفضل تدفق ضيوف الأمم المتحدة.
وباستثناء هذه الصعوبات المؤقتة وتأثيرها على الاقتصاد المحلي، يعتبر الكثيرون أن هذا الحدث البارز يمثل فرصة حقيقية للحاضرة الأمريكية وساكنة نيويورك، من أجل حمل مشعل الدور الريادي الذي تضطلع به منظمة الأمم المتحدة في مجال العمل متعدد الأطراف، على أمل المساهمة في بناء مستقبل أفضل للجميع.