وتمثل عروض التبوريدة ،التي ينتظر أن تستقطب يوميا مئات المهتمين والمتتبعين ،عرسا حقيقيا يختزل أروع وأجمل اللوحات الفلكلورية التي تجسد تنوع الموروث الحضاري لمختلف جهات المملكة.
وتشهد دورة هذه السنة من فضاء الفروسية التقليدية المغربية، التي ستتوج فعالياتها يوم السبت المقبل بإجراء النهائيات لنيل الجائزة الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للتبوريدة ، مشاركة 18 من أفضل السربات.
وما فتئت تشكل سربات الخيالة، التي تضفي رونقا خاصا على فضاءات المعرض بألوان وأشكال أزياء فرسانها وبديع صناعة سروج خيولها، أصدق تجليات ولع الإنسان المغربي بالفرس.
ويأتي معرض الفرس ليؤكد أن مفاهيم فنون الفروسية التقليدية لم تعد مجرد تقاليد ترسخت في حياة الناس وارتبطت بالمكان، بل أصبحت متداولة في مختلف المناحي الثقافية كالشعر والغناء قبل أن تجد طريقها إلى البيوت والمتاحف على شكل منحوتات ورسومات جدارية ولوحات وصور فوتوغرافية.
ومع تزايد الاهتمام بتقاليد الفروسية وموروثها كرمز للذاكرة الثقافية المغربية، تم إحداث جائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية التي انطلقت دورتها الأولى عام 1999، وتقام كل سنة بمناسبة أسبوع الفرس ، الذي تقام فعالياته بالمركب الملكي للفروسية والتبوريدة دار السلام بالرباط .
وتتضمن منافسات الفروسية التقليدية عروضا تقدمها السربات، التي تضم كل واحدة منها 15 فارسا وفرسا إضافة إلى "العلام" أو المقدم"، وتكون في غاية الانضباط لتنفيذ "التبوريدة" بدقة متناهية، على أن يتكلف "المقدم"، الذي غالبا ما يكون أكبر الفرسان سنا، بمهمة تنظيم وتحفيز فرسانه.
وقبل أي انطلاقة (محاولة) يستعرض المقدم فرسانه قبل أن تدخل المجموعة إلى فضاء العرض (المحرك) وتبدأ بتحية الجمهور (الهدة أو التشويرة أو التسليمة).
إثر ذلك يعود الفرسان إلى نقطة الانطلاقة، حيث يصطفون في خط مستقيم في انتظار إشارة "المقدم"، لتنطلق الخيول في سباق بديع يبرهن خلاله الفرسان عما يتوفرون عليه من مهارات سواء بالنسبة للسيطرة على الجياد لإبقائها في الصف أو في ما يخص الحركات الدائرية التي يؤدونها ببنادقهم قبل تنفيذ الطلقة بالبارود.
ويحرص الفرسان على ارتداء الزي التقليدي الذي يتكون من "الجلابة" و"السلهام" و"العمامة" و"السروال الفضفاض" وكلها بيضاء، ويتمنطقون بالخنجر "الكمية" فيما ينتعلون نعلين من النوع العالي، أما السلاح التقليدي لفنون الفروسية التقليدية فيتمثل في البندقية المعروفة ب "المكحلة" وتكون مرصعة بخطوط ونقوش متموجة.
وتزيد السروج التي يبدع الصناع إعدادها صهوات الجياد رونقا وتضفي على الفارس مزيدا من الوقار وتبرز مكانته الاجتماعية وحظوته في قبيلته.
ويأتي معرض الفرس إيذانا بانطلاق موسم مهرجانات ومسابقات التبوريدة، التي تحتضنها مختلف جهات المملكة ،وتتبارى فيها القبائل من أجل اختيار أحسن "سربة" لتمثيلها في أسبوع الفرس، الذي أضحى موعدا سنويا لا محيد عنه، بفضل المجهودات التي تبذلها الجامعة الملكية المغربية للفروسية حرصا منها على تشجيع الإقبال على ممارسة هذه الرياضة المتجذرة في الثقافة المغربية ،خاصة من طرف الشباب.
يذكر أن منافسات الجائزة الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لفنون الفروسية التقليديةبالجديدة ستجرى في أربعة مراحل إقصائية اعتبارا من اليوم الثلاثاء على أن تقام المرحلة النهائية يوم السبت المقبل لنيل اللقب.