ففي الجناح المغربي بالمعرض، تكشف المملكة عن حقيقتها كبلد يحمل وراءه تاريخا عريقا ويخطو بثبات وجرأة نحو الحداثة، من خلال مشاهد تنقل الزائر من شوارع وأزقة المدن العريقة إلى الكثبان الرملية في الصحراء، ومن قمم الأطلس المتشحة بالثلوج إلى الشواطئ الممتدة على طول الأطلسي.
وفي هذا الصدد، قال عضو مجلس إدارة (أباف إكسبو)، لويز شتراوس، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن "المغرب يأسر بتنوعه الثقافي وفن الطبخ، مما يتوافق مع انتظارات السوق البرازيلية"، مضيفا أن "هذه الوجهة تتميز فضلا عن جاذبيتها، بإمكانية جمعها بأسفار مع مناطق أخرى، سواء أكانت أوروبا أو إفريقيا أو آسيا".
وفي جميع أنحاء البرازيل، من شمالها إلى جنوبها، هناك شغف مشترك بين وكلاء الأسفار الذين يتغنون بالمملكة وبالرغبة في زيارتها كتجربة لا يجب تفويتها.
ففي هذا السياق يحكي يوشيهيرو كاراشيما، وهو مالك وكالة سياحية تنشط منذ 38 سنة بالمقاطعة الفيدرالية وولاية بارانا، بنبرة ملؤها العاطفة عن تجربة سفره إلى المغرب، "خلال رحلتي على متن الخطوط الملكية المغربية، ذُهلت من أدق التفاصيل، بدء من الخدمة الممتازة وكرم الترحاب إلى فن الطبخ .. لحم خروف مشوي، وكسكس شهي، وتوابل تزيد المأكولات لذة".
وأكد هذا المواطن البرازيلي أن المغرب "آسر ويحبل بالرومانسية"، مستحضرا المدن التي زارها كالدار البيضاء، وفاس، ومراكش، ومكناس، والرباط، كما أن المدن العتيقة مكنته من فرصة التجول في أزقتها والاحتكاك بقاطنيها كبارا وصغارا.
نفس الانطباع ساقه للوكالة أيضا، روبرتو فييرا، وكيل أسفار في ماتو غروسو، والذي يتطلع إلى تكرار زيارة المملكة، مبديا اهتمامه الشديد بالثقافة المغربية.. "الأزياء التقليدية، والألحان الفريدة، وشاي النعناع الشهير... كل هذا يذكي رغبة لا تقاوم في اكتشاف هذا البلد ذي الأوجه المتعددة".
أما إيفانا ماليربا، المستشارة في مجال الأسفار بولاية ساو باولو، فقالت إن "لكل مدينة سحرها وطابعها الخاص، وطاقتها الفريدة. كما أن اكتشاف كل هذه الفروق الدقيقة يجعل التجربة أكثر غنى".
ويشي كل ركن في هذه المملكة الساحرة بقصة حكاها هذا الجناح على مساحة مائة متر مربع، زادها ألقا اللونان الأحمر والأخضر اللذان أضفى بهجة تحت أضواء المركز الدولي للمؤتمرات حيث أقيم (أباف إكسبو) بمبادرة من الجمعية البرازيلية لوكالات الأسفار من 26 إلى 28 شتنبر الفارط.
وتم تأثيث الجناح المغربي بتقاسيم ومعزوفات على آلة العود أداها باقتدار فنان موسيقي موهوب زادت من أصالة المكان، بينما أقيمت طاولة تضم أبرز الأكلات التي يختزنها المطبخ المغربي.
ويذكي شغف المغامرة والثقافات المتلاقحة والمتشابكة رغبة عشرات الآلاف من البرازيليين كل سنة في السفر، خاصة وأن هذا البلد-القارة التي يناهز عدد سكانه 215 مليون نسمة، يتميز بتوسع طبقته المتوسطة.
وكما أكد سفير المغرب في برازيليا، نبيل الدغوغي، أن فتح فرع للمكتب الوطني المغربي للسياحة، مؤخرا، يبرز الإمكانات الهائلة للسوق السياحية البرازيلية، مضيفا أن استئناف الخطوط الملكية المغربية، في دجنبر، لرحلاتها المباشرة بين الدار البيضاء وساو باولو من شأنه تعزيز هذه الدينامية.
وإضافة إلى ذلك، يشير السفير، فإن المغرب يحظى بسمعة طيبة لدى البرازيليين، مما يدل على عمق العلاقات التي تربط البلدين والموروثة عن الموجات الأولى من الهجرة المغربية إلى البرازيل خلال القرن الـ19.
وأوضح أن الهدف الطموح يكمن في الوصول إلى مائة ألف زائر برازيلي في السنوات الثلاث المقبلة.
فببرازيليا، تشتغل ثماني وكالات أسفار مغربية. وكان هذا المعرض بمثابة منصة لهذه الوكالات للتعريف بالمنتوج المغربي والحث على خوض تجربة السفر إلى المملكة وجذب السياح من السوق البرازيلية.
وفي هذا السياق، قال يوسف عمور، مدير العمليات في وكالة أسفار (زلاغ) المعروفة في فاس، إن "البرازيل تمثل فرصة استراتيجية للسياحة المغربية"، مشيرا إلى أن "اهتمام البرازيليين بتاريخنا وثقافتنا ومناظرنا الطبيعية يتزايد. كما أن هذا البلد يعتبر أول بلد بأمريكا اللاتينية من حيث السياح، ونحن عازمون على تعزيز هذا الاتجاه من خلال شراكات قوية".
وقد استقطب معرض (أباف إكسبو)، الذي عاد إلى برازيليا بعد 22 سنة، أكثر من 23 ألف مهني، بحسب لويز شتراوس الذي وصفه كـ"منصة توفر وضوح الرؤيا لوكلاء السفر الذين يمثلون 80 في المائة من سوق تسويق الخدمات السياحية في البرازيل"، مشددا على أن المعرض، الذي افتتح لأول مرة أبوابه للعموم السبت الماضي، "شكل فرصة كبيرة أيضا لتعزيز وضوح الرؤية بالنسبة للمغرب كوجهة سياحية من الخيار الأول".
ولئن كان هذا الموعد المتنقل يسهم في الدينامية الاقتصادية من خلال بلورة فرص جديدة للعارضين في كل سوق يستثمر فيه، فإن اختيار برازيليا، كعاصمة سياسية وإدارية، يعكس رغبة واضحة في تحسيس الطبقة السياسية بالعوائد السوسيو-اقتصادية للسياحة، على اعتبار أن الطموح هو تحصيل إيرادات تفوق 5 ملايين دولار للمنطقة.
ويبدو أن المعرض حقق أهدافه بجذبه أكثر من مائتي عارض، ضمنهم ممثلون لجميع الولايات البرازيلية و22 بلدا، مما خلق بيئة مواتية للأعمال والتواصل والتكوين، وعقد نحو 60 ندوة حول اتجاهات السوق، والتعريف بفرص الأعمال.
ومن بين مستجدات المعرض هذه السنة، يوم السياحة في أفق 2030، وبحث سبل إزالة الكربون من الطيران، والسياحة التجديدية استجابة لتحديات المناخ.
وستعقد نسخة 2025 من معرض (أباف إكسبو) بريو دي جانيرو حيث سيتم استكشاف سحر السياحة في أمريكا اللاتينية، كما سيشكل هذا الموعد، مرة أخرى، مناسبة لإبراز أسرار الوجهة المغربية بغية جذب مزيد من السياح البرازيليين.