أكثر من مجرد نساجة، ففيروز حارسة فن عريق، تضاهي لوحات الفن التجريدي بأعمالها التي تضم أشكالا هندسية وزخارف تكتنف حسا من الإبداع والأصالة وكذا العديد من المعاني الاجتماعية والثقافية.
بخطى خفيفة، تتنقل فيروز بين الزرابي المعروضة في جناح جمعية "تكديفت" التي ترأسها، لتقدم للزوار إبداعاتها التقليدية الجميلة المصنوعة يدويا بمناسبة الدورة السابعة لمهرجان الزربية الواو زكيتية، المنظم من 20 إلى 24 نونبر الجاري بجماعة تازناخت.
ففي بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء تقول النساجة فيروز "إن ولعي بفن نسج الزرابي ليس حديث العهد"، مشيرة، في هذا الإطار، إلى أنه تقليد عريق ورثته عن عائلتها التي اهتمت بتجميع وتنظيف صوف سيروا الذي يحمل إسم نوع من الأغنام بجبل سيروا، قبل صبغها بمواد مصنوعة من مواد طبيعية مثل الزعفران.
وتوضح فيروز، وهي أيضا عضو في المجلس الإقليمي لورزازات، "تلي ذلك مراحل أخرى تتعلق بجمع الخيوط و نسج الزربية بتقنيات أصيلة".
بالنسبة للعارفين بفن الزربية وكذلك الزوار العاديين، فإن الأعمال التقليدية المعروضة في المهرجان تثير الإعجاب من خلال جودة التصنيع وكذا من خلال الزخارف على شكل المعين، والتي تغطي سطح الزربية بالكامل، أو على شكل خطوط ومربعات تزين الزربية.
وعلى غرار فيروز، هناك نساء كثيرات يعملن ليل نهار قبل تشكيل أعمالهن ذات الألوان الزاهية.
تقول فاطمة معزوز، وهي عارضة أخرى تترأس جمعية مكونة من أكثر من 180 مرأة نساجة "على عكس المنتجات المصنعة، تكشف كل قطعة من الزربية الواو زكيتية عن تعابير رمزية ذات أبعاد ثقافية وفنية وفلكلورية كبيرة".
وتضيف "بقدر ما تزيّن أرضياتنا، فإن الزربية الواو زكيتية تعد شاهدا حيا على غنى التراث المحلي وتعكس براعة ومهارة نساء آيت أوزغيت".
وتابعت "تستغرق كل زربية من 20 إلى 40 يوما تقريبا لتأخذ شكلها النهائي، وذلك حسب جودة النسيج والتصميم المعتمد وحجم الزربية. زربية آيت أوزغيت تعتبر دوما قطعا أصلية، فلا وجود لزربيتين متطابقتين 100 في المائة أبدا".
بألوانها الزاهية وملمسها المرن وزخارفها النموذجية المعبرة، تُعد الزربية الواو زكيتية مثالا حيا على الثقافة المحلية وتراثا يتوجب الحفاظ عليه في عالم تطغى عليه موجات التحديث.
وفي نفس السياق، اعتبر مدير الدورة السابعة لمهرجان الزربية الواو زكيتية، محمد ختوش، أن قطاع صناعة الزرابي بجهة "تازناخت الكبرى" يشكل مصدر دخل لحوالي 22 ألف نساجة، مشيرا إلى أنه يتم بذل جهود لضمان تأطير أفضل وتكوين أكبر للنساجات من أجل تحسين مهاراتهن.
وأبرز أن قطاع الزرابي يشكل رافعة حقيقية لتنمية الاقتصاد القروي وعاملا للتمكين الاقتصادي للنساء النساجات، مشيرا، في هذا الصدد، إلى إطلاق منصة رقمية تتيح الاطلاع أفضل على خصوصية الزرابي الواو زكيتية وطنيا ودوليا.
وعلى امتداد مساحة 3000 متر مربع، يضم المعرض الذي يعرف مشاركة 150 من العارضين، 80 في المائة منهم نساء، فضاء مخصصا لعرض وتسويق الزرابي، بالإضافة إلى فضاء مؤسساتي وقطب ثقافي.
وتروم هذه التظاهرة الثقافية والاقتصادية المنظمة من طرف غرفة الصناعة التقليدية لجهة درعة تافيلالت وعمالة إقليم ورزازات، الاحتفاء بهذا الإرث الثقافي الأصيل وتسليط الضوء على دور المرأة النساجة في التنمية الاقتصادية المحلية.